أقلام حرة

ردا على طروحات رشيد بن عيسى حول الأمازيغية وهوية الشمال افريقيين

رد الاستاذ مصطفى صامت على رشيد بن عيسى بخصوص تصريحاته حول الامازيغية

     بثت قناة جزائرية خاصة حوار للدكتور الجزائري رشيد بن عيسى الذي قدمته كمختص في اللسانيات، وذلك سهرة يوم الاحد اول مارس، الحوار تركز اساسا على الجانب اللساني، وقليل من التاريخ وكثيرا من السياسة والأدلجة التي كانت ظاهرة حتى على أسئلة الصحفي الذي يبدوا أن الطاقم التحريري قد إختار له الأسئلة حسب خط معين ولهدف سياسي معين سنتحدث عنه في الأسطر القادمة، ويبدوا أن إختيار الضيف والصحفي المنشط للحصة كشخصين منحدرين من منطقة القبايل ويتكلمان القبائلية ليس محظ صدفة كذلك . وربما أريد إبعاد شبهة التهجم على منطقة القبايل وعلى تيار معارض للسلطة القائمة يحسب على هذه المنطقة التي لن يمرر لها النظام مقاطعتها التامة للإنتخابات الرئاسية الأخيرة، وكذلك إستعادتها للوحدة الداخلية في منطقتها بعد نجاح الإضراب العام والعصيان المدني لمرتين متتاليتين استجابة للحراك الوطني الذي تشهده البلاد .

     وعودة الى موضوع الحصة سنحاول في هذا المقال المتواضع الرد على الأفكار التي عبر عنها الأستاذ رشيد بن عيسى على شكل يقينيات علمية بينما هي كانت مجرد فرضيات من وحي مخيلته لم يقدم أي أدلة علمية ولم يعتمد على أي منهجية أكاديمة لإثباتها، ولتسهيل الفهم وتفادي الإطالة في المقال، سنوضح التصريحات الواردة في الحصة من طرف الاستاذ رشيد بن عيسى التي ستكون على شكل عناوين مرقمة يليها الرد الخاص بنا .

1) ردا على سؤال الصحفي حول ان كان بن عيسى يفهم النشرة الإخبارية بتمازيغت ؟ أجاب بن عيسى أن والدته القبائلية لا تفهمها :

     من الطبيعي جدا ان لا تفهم والدة الاستاذ بن عيسى النشرة الإخبارية الأمازيغية (حتى القبائلية منها) بنسبة 100٪ ولا حتى بنسبة 70٪ لسبب وجيه وهي أن النشرة تقدم بأمازيغة مدرسية (معيارية) تم إضافة المصطلحات العلمية الخاصة إليها على سبيل المثال لا الحصر : أسلواي (الرئيس)، تجدودا (الجمهورية)، أنصيف (الرسمي)، أنغراف (الوزير) …. فهذه المصطلحات المستحدثة في الامازيغية لا يمكن لعجوز تتكلم فقط اللهجة القبائلية الشعبية البسيطة فهمها دون أن تدرسها في المدرسة، نفس الشيئ لو يأتي بن عيسى بعجوز من قبيلة هوزان في جزيرة العرب ويسمعها النشرة الإخبارية لقناة الجزيرة باللغة العربية الفصحى فلن تفهم منها إلا بعض الكلمات وربما لن تفهم ولا كلمة، لأن العربية الفصحى الجامعة لغة مدرسية تلقن عبر التدريس. واكثر من ذلك لو تأتي بطالب جامعي له تخصص آداب عربي وتسمعه وثائقي علمي يتحدث عن المعادلات الفزيائية والكيميائية … بالعربية، فلن يستطيع إستيعاب الوثائقي بشكل كلي لانه لن يفهم المصطلحات العلمية الخاصة بذلك التخصص . بدليل أن بن عيسى نفسه الذي يفتخر بكونه من تلاميذ المفكر مالك بن نبي قال في نفس الحصة أن فهم كتب بن نبي تتطلب التحكم في الاختصاص والمصطلحات .

فهل يمكن لأي شخص يتكلم العربية ويتقنها جيدا فهم النص الوارد في الصورة الآتية ؟

2)  تمازيغت لهجة من لهجات البربر في المغرب و ليس لدينا لغة أمازيغية بل لدينا تشاويت، تقبيليت، تمزابيت …، تمازيغت لا وجود لها :

     هنا بن عيسي يتحدث من منطلق سياسي وأيديولوجي محض لا علاقة له باللسانيات والجانب العلمي ، لأن علوم اللسانيات تعرف اللغة بأنها رموز من الإشارات الصوتية أو الرمزية تسهل التواصل بين البشر، وهي كذلك، كل لهجة يتم ترسيمها في دساتير البلاد ويعترف بها سياسيا، وتمازيغت لغة وطنية ورسمية حسب المادة الثالثة في دستور الجزائري 2016 والمغربي 2011 .

     أما الشاوية والقبائلية والشنوية …. فكلها متغيرات امازيغية ، فالقبائلية هي أمازيغية سكان منطقة القبايل، سميت تقبيليث نسبة الى المنطقة الجغرافية التي تسمى القبايل (la kabylie)، والشاوية هي أمازيغية سكان الاوراس حملت ذلك الاسم نسبة الى سكان الاوراس الناطقين بها والذين أطلق عليهم مؤرخوا العرب المسلمين ” الشاوية” نسبة لمهنة رعي الشياه ،الشاة . المزابية إذا هي أمازيغية أمازيغ واد ميزاب ، والشنوية هي امازيغية أمازيغ جبل شنوة، وترفيث أمازيغية امازيغ سكان الريف، تسوسيت نسبة الى منطقة سوس ، تسيويث نسبة الى منطقة سيوا بمحافظة مطروح بمصر … هذا و نجد أن سكان ولاية تيزي وزو يقولون على إخوتهم في بجاية انهم يتحدثون “ثبجاويت” وعلى إخوتهم في ولاية البويرة ” ثبويريت” أي انها مجرد تسميات للغة الامازيغة حسب المناطق الجغرافية المتكلم بها .

     ومصطلح تمازيغت (الامازيغية) كلغة، مصطلح قديم وليس مستحدث من طرف الاكاديمية البربرية كما يروج له، نجده في الكتب القديمة التي وصلتنا عبر مخطوطات محفوظة على سبيل المثال مخطوطة كتاب البربرية “Kitâb al-Barbariya” لمؤلفه الفقيه أبو زكريا يحي اليفرني ، الليبي حسب لقبه وليس مغربي، تم تاليف المخطوطة بهدف ترجمة وشرح الفقه الاباضي بالامازيغية ويرجع الباحثين زمن تأليفه ما بين القرن 11 ميلادي و14 ميلادي، وردت فيه كلمة ” تمازيغت” كلغة الامازيغ .

صورة من مخطوطة كتاب البربرية “Kitâb al-Barbariya”

     ونجده كذلك في شعر أمازيغي سوسي يعود لسنوات 1700 ( بحر الدموع لمحمد أوزال) ورد فيه اشارة الى اللغة الأمازيغة بعبارة ” ن تمازيغت (الصفحة 30 بيت رقم 5  ) رابط مباشر للكتاب من هنا

      فتمازيغت هنا قد وردت كلغة لامازيغ ليبيا والمغرب، إذا هي اللغة التي يتكلم بها الأمازيغ في شمال افريقيا، ظهرت لاحقا تسميات جديدة لها قصد تحديد الاختلاف حسب المناطق الجغرافية، ومن الطبيعي أن تختلف امازيغية الشمال عند القبايل عن امازيغية الشاوية في الشرق والطوارق في الصحراء، بفعل ظاهرة التاثير والتأثر بالثقافة الممارسة حسب كل منطقة ، فاللغة وعاء للفكر، وثقافة أهل الشمال مع التمدن تختلف مع ثقافة امازيغ الجنوب الصحراويين في باديتهم، هذا أمر يحدث مع كل لغات العالم. وفي حالة الامازيغية هو إختلاف في اللكنة وجرس الصوت وبعض المفردات وليس كلها، أما من الجانب النحوي والاشتقاقي فقد أكد اللسانيون على وحدتها . راجع مقالنا هذا


3)  تمازيغت (ويقصد الامازيغية المعيارية) أكثر تهديد للهجات البربرية … أكبر تهديد للألسن البربرية (القبايلية، الشاوية، الشنوية …) هي اللغة الأمازيغية :

     من الواضح أن دفاع بن عيسى على المتغيرات /اللهجات الأمازيغية ومحاربته للأمازيغية المعيارية كان بدافع إبعاد تهمة ايديولوجية القوميين العرب المعادية للبعد الأمازيغي عنه فقط واذا كانت نيته الدفاع عن هذه المتغيرات من الأمازيغية المعيارية كما يقول فلا ريب في عدم تحكمه بموضوع الألسنة الذي يدعي التخصص فيه، فيكفي أن يطرح أي شخص سؤال بسيط حول الطريقة التي يمكن من خلالها حماية أي لغة أو لهجة شفوية في زمن العولمة كي يتأكد له أنه لا وجود لأي طريقة غير التدوين والتدريس بها .

    فالإنسان ليس بحاجة الى ثقافة عالية ليدرك أن كل دول العالم لديها لغة مدرسية جامعة تلقن عبر المدارس وتقنن عبر المجامع اللغوية ، وفي نفس الوقت لهم لهجات وعاميات تختلف من منطقة الى منطقة، فلماذا يستثنى الأمازيغ من هذا الحق ؟ لا يحق لهم أن يحصلوا على لغة امازيغية مشتركة تدرس في المدارس، ولا يحق لهم أيضا تدريس لهجاتهم لأنها مجرد لهجة وليست لغة كما نسمعه كل يوم من طرف التعريبيون الباديسيون الفاقدون للبوصلة ؟؟؟

    وإذا كانت “تمازيغت” عند السيد بن عيسى يقصد بها الامازيغية المعيارية التي ستجمع اللهجات الأمازيغية في قاموس مشترك واحد عن طريق سياسية لغوية علمية ، هي تهديد للهجات الأمازيغية فقط لأن تمازيغت لغة مطورة ومقننة، أي تم إضافة معجم علمي خاص بكل مجال اليها لترتقي من لغة شعبية بسيطة تعبر عن الحياة البسيطة للفرد في بيئته وممارساته الثقافية اليومية الى لغة مدرسة واسعة ومرنة تستوعب التطورات الحاصلة في العالم، فهل يعني هذا أنه يمنع كذلك ترقية اللهجة القبائلية بنفس العملية لتصبح لغة مدرسة ؟

إذا كان الجواب بنعم، أليس هذا هو التهديد الحقيقي لهذه اللهجات المهددة بالانقراص بسبب عدم كتابتها وعدم إمتلاكها لمجمعات لغوية تسهر على تطويرها كما هو الحال في كل لغات العالم حاليا ؟

 وإذا كان الجواب بلا ، أي يحق للقبائلية، او اي متغير، أن يخضع للتعيير والتطوير عبر المجامع اللغوية الخاصة لحمايته من الإنقراض، فهل يجهل بروفسور في اللسانيات أن ترقية هذه المتغيرات سيقودنا بشكل حتمي الى لغة أمازيغية واحدة مشتركة وهذا بسبب القاموس المشترك بين هذه المتغيرات التي تشترك في قاموس واحد بنسبة 70% في الجزائر فكلمة، أغروم (خبز) ، أمان (ماء) ، أكال (تراب)، افوس (يد)، أظار (رِجل) ، أرgاز (رَجُل) … هي نفسها عند جميع الأمازيغ وإذا أضفنا لها قاموس الكلمات المستحدثة وهو قاموس واحد يعمل به في كل أقسام الامازيغية في الجزائر والذي يحمل مصطلحات حديثة تم اقتباسها إما من إحدى اللهجات التي إحتفظت بذلك المصطلح مثل ثايري (الحب) ، أزول (التحية)، أماينوث ( الجديد)، أنْسُوف (مرحبا)، أسَارُوفْ (المغفرة، التجاوز) … كلها كلمات مستحدثة اقتبست من التارقية لأن أهلها المعزولين في الصحراء حافظوا عليها بسبب بعدهم عن المراكز الحضارية للغات الوافدة في الشمال ، كذلك مصطلحات أخرى مستحدثة عن طريق الإشتقاق مثل تَسْgْرَسْتْ (الثلاجة) لم تكن مستعملة عند اجدادنا فتم استعمال عملية الاشتقاق من أgرِيسْ ( الجماد) وهو ما قامت به المجامع اللغوية العربية التي اشتقت كلمة الثلاجة من الثلج ، يثلج، إثلاج …
نفس الشيئ لكلمة تيليزري tilizri ( التلفاز) فهي مشتقة من تيلي télé وهي كلمة علمية تقصد بها البعد والمسافة، اضيف لها كلمة إزْرِي izri (العين، او المشاهدة) ، زَرْ zar (شاهد) …
وبجمع القاموس اللغوي الاصلي الذي يشترك فيه كل الأمازيغ مع اضافة قاموس المصطلحات المستحدثة التي أشرنا اليها + قاموس آخر يكون مشترك يتم فيه تعويض المصطلحات المختلف فيها بين المتغيرات الامازيغية بمصطلحات مشتركة مثلا : اذا كان كل أمازيغ الشمال يستعملون كلمة تافوكث للاشارة الى الشمس ما عدا بعض القبايل يستعملون كلمة “إطيج” ، فسيتم حذف “إطيج” وتعويضها بتفوكث كمصطلح أساسي مشترك بين الجميع وتصبح “إطيج” مرادفة فقط لإغناء القاموس الامازيغي …

بإتباع هذه العملية ستكون لنا خلال جيلين أو ثلاثة لغة أمازيغية مشتركة واحدة تلقن عبر المدارس والاعلام …
دعونا الآن نعود الى صديقنا بن عيسى ومن يفكر مثله ونقول لهم بما أنكم ضد الأمازيغية المعيارية وضد فرض المتغير القبائلي على الجميع وضد تدريس المتغيرات الأمازيغية فما هي الطريقة التي تقترحونها للحفاظ على هذا الموروث اللغوي القديم لبلادنا من الضياع والانقراض ؟

وإذا كانت نيتكم محاربة هذا الموروث الأصيل لبلادنا وهو أحد ركائز هوية شعبنا برفضكم له جملة وتفصيلا فلما تعارضون حركة الماك الانفصالية التي تريد الحفاظ عليه في منطقتها ؟ .


4) تروح تتعلم الإنجليزية لغة العلم ولا تروح تتعلم الأمازيغية (كلام بن عيسى بالدارجة ) :

      علميا لا يوجد أي علاقة بين اللغة والتطور، البحث العلمي شيئ واللغة وسيلة للتواصل ، واللغة لا تساهم في تطوير البلدان بل التطور العلمي والاقتصادي والسياسي … هو من يصنع مكانة اللغة بين الامم وسمعتها، هناك دول في إفريقيا تستعمل اللغة الانجليزية كلغة رسمية مثل نيجيريا، كينيا، أوغندا، غانا … لكنها ضمن الدول المتخلفة في العالم ومن العالم الثالث ، كما أن العشرون دولة المتقدمة في الطب في العالم تدرس العلوم بلغتها الوطنية .

العشرون دولة المتقدمة في الطب

5) ازول Azul من مبتدعات البدع والسلام عليكم من الاسلام واكثرية القبايل مسلمين :

       وهنا يظهر ان الكلام نابع من منطلق ديني عاطفي محض، حيث إعتبر كلمة ازول من البدع التي لا يجب أن تحل مكان المعلوم منه من الدين ، وفي نظره فإن كلمة أزول Azul مستحدثة ولا علاقة لها بكلمة أهول Ahul المستعملة عند الطوارق،أو انه لا يحق للقبايلية إقتباس كلمات من المتغيرات الأمازيغية الأخرى بل عليها الاقتباس من العربية فقط، وهنا نتسائل كيف لي بروفسور مختص في اللسانيات كما يدعي ويجهل أن إموهاغ (أمازيغ صحراء الجزائر ) يقلبون حرف “ز” أو الياز (Z) الى حرف “ه” / ياه . فيسمون أنفسهم إموهاغ حسب غبريال كامبس وأقزال وأحمد شفيق… ولغتهم تماهغت (Tamahight) وبعضهم يقلب الياز (Z) الى سين خفيفة ويسمون لغتهم تماسغت (Tamaseght) .

كما يقلب أمازيغ منطقة الفزان جنوب ليبيا الزاي (Z) شينا و يسمون أنفسهم إموشاغ (Imusagh) ولغتهم تماشغت وتقلب الى جيم عند إماجيغن (Imagughen) وتماجيغت لكلامهم وهم أمازيغ الأيير (Aïr, Niger) .

ولا يتعلق الامر بكلمة “أزول” فقط بل كلمات كثيرة مثلا نجد أن تازارت tazzart (عند أمازيغ الشمال ماعدى الغوانش ) يقابلها تاهارت tahart عند امازيغ الطوارق وامازيغ جزر الكناري الذين يسمونه تاهار إنيمان . (راجع: غبريال كابس في كتابه ماسينيسا ، ترجمة العربي عقون، ص117 . وكتاب Mots et choses berbères , Emile Laoust p.421 ) .

وكذلك :
Izi (أمازيغ الشمال) = Ihi (أمازيغ الجنوب) : إزي يعني الذباب
Amazigh (أمازيغ الشمال) ) = Amahigh (أمازيغ الجنوب) : يعني أمازيغ
Imuzugh (أمازيغ الشمال) = Imuhagh (أمازيغ الجنوب) : أمازيغ

آزارazzar (عند أمازيغ الشمال ماعدا الغوانش ) يقابلها أهار Ahar عند امازيغ الطوارق وامازيغ جزر الكناري


كما يقلب بعض قبايل أث ندوالة بتيزي وزو اللام (L) الى ياء ( y ) فتصبح “ثمللث” أي البيضة “ثمييث ” أو “ثملين” في بعض المناطق . و” ألي” اي إصعد الى “أيي” …
و” إڤني ” (السماء ) عند القبايل ( الڤاف هنا ينطق بصوت خاص هو بين الكاف والشين لا يوجد حرف في الابجدية العربية ولا الفرنسية لكتابته ) يصبح عند الشاوية والزناتيين جيم خفيفة . ويقال “أجنا ” .
وهذه الامور تحدث في كل لهجات و لغات العالم بما فيها العربية خاصة بين القاف و الڤاف .

على هذا الاساس تحول “أهول” الامازيغي عند إموهاغ (إموزاغ) الى “أزول” عند أمازيغ شمال افريقيا لانهم ينطقون الياز كما هو عكس أمازيغ الصحارء الذين يحرفونه هاءا و جيم و سين حسب المناطق (مع وجود إستثناء عند بعظهم ) ..
وقد عممت كلمة “أزول” في كل شمال افريقيا من خلال قاموس مولود معمري وأصبحت شائعة حتى في أوروبا ، ولن تجد أي شاب أمازيغي من سيوا بمصر الى جزر الكناري بالاطلسي من الجيل الجديد لا يعرفها .

العالم اللساني مولود معمري أخذ كلمات كثيرة من الأمازيغ من مختلف المناطق التي زارها وعاش فيها مع اهلها لبعض الوقت لجمع وتدويل الاشعار والحكم من شيوخهم قبل وفاتهم وفقدان اللسان والثقافة الأمازيغية في الجيل الجديد المعرب كما إستغنى عن كلمات وحروف من لسان جرجرة لأنه قليل الاستعمال مثل حرف V حيث استبدله بحرف B وحرف Th بحرف T ، حذف كلمة إطيج itij (الشمس) من المستعملة في القبائلية وعوضها بكلمة تفوكت tafukt لأن هذه الاخيرة تستعمل عند جميع الأمازيغ تقريبا ما عدى القبايل ، اي انه استعمل قاعدة الاعتماد على المصطلحات الاكثر استعمالا في التجمعات الامازيغية بالجزائر لتقريب اللهجات ومن أجل قاموس لغوي مشترك بينهم ، هذه المصطلحات ،وغيرها، التي ادخلها مولود معمري في الثمانينيات الى القاموس القبائلي أصبحت شائعة عند القبايل اليوم، بفضل التدريس والاعلام السمعي فقط .


6) يجب الحفاظ على اللغات القديمة (يقصد اللهجات الأمازيغية)، أنا أدافع وأحرص على الحفاظ على القبائلية والشاوية والمزابية والشنوية … لأنها ذاكرة اللغات القديمة :

    رغم تفاهة هذا التصريح مع إحترامنا للأستاذ الذي أظهر تناقضا اوقع فيه نفسه دون وعي منه ، حيث يرفض الأمازيغة المعيارية المؤهلة وفي نفس الوقت يطالب بالحفاظ على متغيراتها ولا ندري إن كانت هناك طريقة أخرى غير التعليم والترقية والتدرس للحفاظ على أي لغة، وهذه العملية ستأدي بطبيعة الحال الى تقريب الألسن الامازيغية حتى بلوغ اللغة الموحدة وفي نفس الوقت ستجعل من هذه اللهجات المطورة غير مفهومة تماما عند والدته التي لم تدرسها؟ اللهم إلا إذا كانت هناك طريقة لم يكتشفها البشر بعد في الحفاظ على اللغات واللهجات الواقعة تحت التأثر والمنافسة غير التدريس؟


7) متى يكون هناك نحو للقبائلية 20 سنة ، 50 سنة (يتسائل الاستاذ بن عيسى)؟

     يبدوا من خلال هذا التسائل أن أستاذنا الذي قضى 49 سنة في فرنسا لم يسمع بكتاب الباحث مولود معمري تجرومث ( Tajeṛṛumt N Tmaziɣt ) حول النحو الأمازيغي والذي كان حول اللسان القبائلي ،هذا رغم أن الكتاب صدر سنة 1969، ومن طرف العالم اللساني مولود معمري الذي سمع به حتى الصم في شمال افريقيا، فما بالك بمختص في اللسايات كما تم تقديمه ، جزائري، واكثر من ذلك قبائلي ؟؟؟


8) يقول الصحفي : خلال إضراب المحافظة في منطقة القبايل سنة 1994 قامت جماعة معينة بفرض الخط اللاتيني عنوة وفرضوه على القبايل .أيهما أقرب للحفاظ على القبايلية الخط العربي أو اللاتيني ؟
يجيب بن عيسى أن كل اللغات كتبت بالعربية ويستشهد بالفارسية والتركية .

    بخصوص سؤال الصحفي الذي نقله حرفيا كما أمره مديره والذي أراد من خلاله تمرير رسالة مفادها ان الخط اللاتيني السائد في منطقة القبايل اليوم لم يتم إستفتاء سكان منطقة القبايل فيه وتم فرضه من طرف مجموعة مشبوهة وهذا كلام سياسي مؤدلج، له أغراض سياسية فقط ، أما الحقيقة وهي أن منطقة القبايل منطقة فرونكوفونية بفعل الحقبة الاستعمارية وبسبب إحتواء المنطقة على أكبر عدد من مدارس الأباء البيض في الجزائر، والتي ساهمت في تثقيف المنطقة بالثقافة الفرنسية، كما أنها منطقة فقيرة زراعيا ومهمشة تنمويا معزولة بجبالها لها طبيعة طاردة للإنسان، لا تحفز على الاستقرار ، وهو الشيئ الذي رفع من نسبة ظاهرة الهجرة الى أوروبا خاصة فرنسا وكندا، وهو ما ساهم في انتشار الثقافة الفرنسية فيها بفعل التأثير والتأثر الذي أحدثه المهاجرون.

إظافة الى ان أولى الدراسات حول الالسن الأمازيغة بدأت باللغة الفرنسية وبالخط اللاتيني على يد بلقاسم ين سديرة ثم سعيد بوليفة ناهيك عن الفرنسيين المستمزغين أمثال رونى باصى ، واصل به مولود معمري وبقية اللسانيين القبايل البحث بعد الإستقلال فأصبح أمرا واقعا ويكاد يكون مستحيلا ان تجد عمل أكاديما حول الامازيغة في المنطقة الآن قد تم بالخط العربي .

ومسألة أي خط تكتب به الامازيغة ليست مطروحة بقوة في الحقيقة وليست مشكلة، فكل منطقة أمازيغية لديها خصوصيتها ، الطوارق لازالوا يكتبون بالتيفيناغ الذي حافظوا عليه منذ آلاف السنين، منطقة مزاب يعتمدون على الخط العربي بفعل التأثير الديني في المنطقة، والاوراس يظهر ان الجيل الجديد بدأ يميل الى الخط اللاتيني عكس الجيل القديم ، ويجب ترك الأمور علي طبيعتها أي كل منطقة تكتب كما هو متوارث فيها وحسب خصوصيتها ، والأجيال القادمة هي من ستحدد الخط الاقوم والانحج ، فيعمم واحد منها بطريقة طبيعية دون أن يفرض أي خط على آخر .

9) هناك كلمات عربية قديمة نساها العرب هي محفوظة في القبائلية وبقية اللهجات البربرية عندنا … نوح علم أبنائه لغة واحدة ، والكلمات المتشابهة بين البربرية والعربية لم تأتي من العربية بل من اللغة الاولى التي لقنها نوح لأبنائه : :

    وهذا الكلام عبارة عن فرضية جديدة صرح بها رشيد بن عيسى على أساس انها يقينية علمية تم إثباتها؟؟، والأهم فيها أنها مختلفة ومناقضة للفرضيات العروبية التي قدمها أصدقائه من التيار التعريبي أمثال عثمان سعدي وأحمد بن نعمان وخشيم … سابقا ، والذين كانوا يقولون أن الأمازيغة مشتقة من العربية ، وأنها، أي الامازيغية،لهجة من اللهجات العربية ،ففرضية بن عيسى الجديدة تقول أن الامازيغة مشتقة من لغة نوح وان العرب أهملوا وتناسوا بعض الكلمات من لغة نوح بينما إحتفضت بها اللهجات البربرية عندنا .

وهنا نشير الى أن الفكر الانساني اليوم والمنهجية العلمية تجاوزت خزعبلات ما يسمه الكتاب العرب باللغة” الحامية ، السامية واليفيثية ” هذا لأنه تصنيف وضعه المؤرخون القدامي كان يتماشى مع المستوى الفكري السائد في ذلك الوقت والذي يغلب عليه التفكير الديني، والمرويات التاريخية الشعبية بأسلوبها القصصي، فأصل هذا التصنيف يعود الى التراث اليهودي ، الذي يعتمد على شجرة الانساب الواردة في التوراة في الاصحاح العاشر في سفر التكوين للعهد القديم الفقرة 31 (التوراة) ، ثم إنتقل الى الكتب الحديثة لاول مرة عام 1781 م من طرف العالم الالماني “أوجست لودفيج شلوتسر” (August Ludwig Schloester)

فأضحى هذا التصنيف تقليدا أدبيا يستعمل للفصل بين بعض المجموعات اللغوية المتشابهة حيث يقال “عائلة اللغات السامية” و “اللغات الحامية ” و ” اللغات اليافثية” نسبة الى قصة أبناء النبي نوح (سام، حام ويافث)، لكنه لم يعد يستعمل اليوم بعد تطور علوم التاريخ وإحتكامها الى نتائج الإكتشافات الأركيولوجية ومختلف العلوم الحديثة، التي أكدت حتى الآن بأن أقدم تواجد بشري كان في شمال افريقيا، وهو ما جعل البحث العلمي يسلم بأن أول منشأ للغات القديمة كان في القارة الافريقية ، ومن هنا أصبح تصنيف العائلات اللغوية يتم على أساس جغرافي فيقال “عائلة اللغات الأفروأسوية” أو الافراسية بدل الحامية-السامية و”عائلة الهيندوأروبية” بدل اليافثية …

وحسب دراسة الپروفيسور I.M. DiakonoffIgor Mikhaïlovitch Diakonoff وهو باحث و مؤرخ وعالم في اللسانيات القديمة، فقد اكد في كتابه (1988. Langues afrasiennes Diakonoff) على الأصل الافريقي للغات الافراسية إعتمادا على المعطيات العلمية الانتربولوجية والاركيلوجية التي بينت ان الاثار المادية للبشر في افريقيا اقدم بكثير من منطقة اسيا و الجزيرة العربية،

 ويرى الباحث دياكونوف أن القاموس اللغوي او الكلمات الخاصة باللغة الأفروآسيوية الأم مرتبطة بالثقافة البدائية ما قبل النيوليتية ظهرت منها اللغة السامية الاولى بين 4 الاف الى 5 الاف ق م في بلاد الشام و رجح الباحث بشكل قوى ان اللغة السامية الاولى قد انفصلت عن اللغة البربرية الاولة proto- berbere بين فترة 5 الى 6 الاف ق م وكان ذلك في افريقيا ناحية شمال التشاد وجنوب ليبيا حيث مقر الكثير من القبايل الليبية الامازيغية في القديم الانفصال، حسب الباحث، بين اصحاب اللغة البربرية الولى و السامية الاولى بسبب نفاذ الموارد و موجة التصحر التي ظهرت في شمال افريقيا خلال نهاية العصر النيوليتي و الذي ادى برحيل بعض البشر الناطقين بالافراسية في شكل البروتو بربرية الى اقصى شمال افريقيا و سواحلها الى غاية جزر الكناري و جنوب اسبانيا وهي المناطق المعتدلة البرودة و اخرون حاملون للبروتو سامية انطلقوا من افريقيا دخلوا الشرق الاوسط ناحية الشام حاملين اللغة السامية الاولى الى تلك المنطقة و التي ولدت لاحقا كل اللغات السامية.

صورة مقتبسة من الكتاب (1988. Langues afrasiennes Diakonoff)

    هذه المعطيات العلمية تدعمت مؤخرا في 2015 بإكتشاف أقدم تواجد للإنسان العاقل (Homo sapiens) في المغرب. وهو ما قضى نهائيا على الأفكار القديمة التي كان يرجع بعض المؤرخين القدامى أصل هذه العائلة اللغوية الى آسيا لإعتقادات دينية لا علمية تقول أنه بما أن الأنبياء كلهم قد نزلوا في هذه البقعة فلا بد وان آدم ونوح كذلك ومنه فإن الموطن الاول للغة نوح التي يتحدث عنها الاستاذ رشيد بن عيسى هو في جزيرة العرب .لكنه نسى أن البحث العلمي اليوم لا يأخذ عن الافكار الدينية، فقصة نوح مجرد تراث يهودي ديني، إنتقل لاحقا الى الديانات السماوية الاخرى ولم تبثته الأبحاث العلمية، كما أن التراث اليهودي الذي نقل قصة نوح، وكذلك الاسلامي، يرجع تواجد آدم في الارض بين 7 آلاف الى 25 آلف سنة فقط فما بالك بنوح الذي جاء بعده ، كما نقله المؤرخ إبن خلدون حيث قال :

“… فجميع سنى العالم من آدم إلى الهجرة على ما يزعمه اليهود أربعة آلاف سنة وستمائة واثنان وأربعون سنة وعلى ما يدعيه النصارى في توراة اليونانيين ستة آلاف سنة غير ثمان سنين وعلى ما يقوله الفرس إلى مقتل يزدجرد أربعة آلاف ومائة وثمانون سنة ومقتل يزدجرد عندهم لثلاثين من الهجرة وأما عند أهل الاسلام فبين آدم ونوح عشرة قرون والقرن مائة سنة وبين نوح وإبراهيم كذلك وبين إبراهيم وموسى كذلك ونقله الطبري عن ابن عباس وعن محمد بن عمرو بن واقد الاسلامي عن جماعة من أهل العلم وقال إن الفترة بين عيسى وبين محمد صلى الله عليه وسلم ستمائة سنة ورواه عن سلمان الفارسي وكعب الأحبار والله أعلم بالحق في ذلك والبقاء لله الواحد القهار” (تاريخ إبن خلدون ، – ج 2ق1 – الصفحة 182 )

وهذه الأرقام لا تنطبق مع الإكتشافات العلمية الحديثة مثل عمر انسان عين بوشريط (سطيف) 2.4 مليون سنة، انسان تغنيف ( معسكر) بين 700 الى مليون عام ، الانسان العاقل (Homo sapiens) الذي ننحدر منه نحن 315000 سنة وهو إنسان جبل إغود الذي عثر عليه في المغرب…

بمعني آخر أن بناء فرضية علمية على أساس فكر ديني تراثي كما فعل الدكتور رشيد بن عيسى مع ما سماه بلغة نوح لا يرتقي الى النقاش العلمي الأكاديمي، بل أن الكتب الدينية نفسها لم تتفق في الأمر ، وكان من الأجر له قبل طرح فرضيته ” لغة نوح” البقاء فيما هو ديني فقط و البحث عن اجابات الأسئلة التالية :

– هل قام الله بإغراق كل قارات العالم وأنجى قوم نوح من المؤمنين فقط أم أن الغرق حدث في المنطقة التي سكنها نوح وقومه دون غيرهم من بقية البشر ؟

– إذا كان الغرق قد مسى كل البشرية فلماذا يغرق الله بقية شعوب العالم الذين في القارت البعيدة عن نوح وما ذنبهم وهم الذين لم يشاهدوا ولم يسمعوا بخبره ما دام أن الله أراد معاقبة الفجار العصاة من قوم نوح فقط وهل من العدل أن يعذب بالغرق كل البشرية لمعاقبة حفنة من المذنبين الكفرة من قوم النبي نوح ؟

– هل أبناء نوح هم فقط من كان يتزوج وينسل ذرة دون غيرهم من المؤمنين الصالحين الذين نجوا من الطوفان حتى يعود نسب كل هذه الجموع من البشر الى أبناء نوح فقط دون سواهم من الناجين معه في السفينة أم ان القعم قد أصاب الجميع ما عدى أبناء نوح ؟

– ثم لماذا يعتمد مؤرخوا العرب المسلمين على هذا التصنيف والتقسيم الذي وضعه اليهود بخصوص الشعوب ( سامية ، حامية ، يافثية) رغم أن القرآن يناقض ذلك وينفي أن يكون لنوح أبناء نجو من الطوفان بل إن القرآن قد نقل لنا صورة إبن نوح الغريق لكفره برسالة والده في قوله تعالي : ” ونادي نوح ابنه وكان في معزل يا بني أركب معنا ولا تكن مع الكافرين. قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهم الموج فكان من المغرقين” (سورة هود: 42-43)

– لما لم ترد أي اشارة صريحة بوجود أبناء لنوح النبي غير الغريق في قوله : ( أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية ادم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا) (سورة مريم: 58) [ذرية ادم ! …] [ذرية إبراهيم ! .. ] فأين ذرية نوح من الكلام؟ لا توجد !

نستنتج من خلال هذا أن أي حديث علمي يستند على قصة نوح من مرويات التراث اليهودي لا يجب الأخذ به في المجال الاكاديمي العلمي لإثبات النتائج واصدار الاحكام النهائية .


10) أنصوب “ansub ” (أي ننزل) هي عربية واصلها يصب ولم نأخذها من العرب … أسيف (الذي يعني النهر) هو ساحل البحر ، ساحل النار :

   الكلمة القبائلية” أنصوب” (ننزل) التي قال رشيد بن عيسى انها لم تأتي من العربية الحديثة بل من لغة نوح، هي فرضية لم يقدم لها أي دليل منطقي، والحقيقة أن استعمال المقارنات اللغوية لإثبات أصول الكلمات الامازيغية كما فعل عثمان سعدي في كتبه هو في صالح اللغة الأمازيغية اليوم، ويحسب لها لا عليها، هذا بسبب التطور العلمي الحديث الذي جعل من شمال افريقيا مهدا للبشرية، والمنطلق الاول للهجرات البشرية نحو بقية الأصقاع، وما يدعم هذا الإفتراض أيضا هو اننا نجد كلمات أمازيغية في كل لغات العالم الأفرواسياوية منها والهندواروبية (راجع مقالنا: الدوافع السياسية والايديولوجية وراء سعي القوميين العرب لتعريب الفينيقيين والأمازيغ) ، كما ان كلمة أنصوب، لا تستعمل عند كل القبايل بل نجد ان كلمة” أنذر” من فعل ” أذر” متداولة عند القبايل، وهي المستعملة عند بقية الأمازيغ بكثرة، مما يرجح أن تكون كلمة ” انصوب” قد إنتقلت من العربية الحديثة بعد وصول العرب الى شمال افريقيا في القرن السابع أو العاشر مع الهلاليين فقط ولا علاقة لها بلغة نوح المزعومة .

أما ربطه لكلمة” أسيف” التي تعني الواد او النهر بجملة “ساحل البحر” و”ساحل النار” كما قال فهذا يطرح سؤال إن كان إستاذنا في عقله حقا وعن السبب الذي يمنعه من ربط كلمة ” أسيف” بكلمة “كوكب زحل” ما دام أنه يربط كلمات عشوائية ليس بينها اي علاقة او رابط منطقي ؟

11) كلمة “بربر” ليست كلمة لاتينية ، فهيرودوت البربري رضي الله عنه قال أن كلمة بربر كلمة مصرية كان المصريين يطلقونها على كل من ليس مصري وهي أرامية وهي عربية من كلمة بَرْ ، بِرْ ، أي ولد البراني :

   كان عليه ان يقدم الكتاب الذي ذكر فيه المؤرخ هيرودوت كلمة “بربر” فعلى حد علمنا، أنه لم يذركها، على الأقل في كتابه الرابع عن الليبيين، ثانيا المصريين أطلقوا تسميات متعددة على سكان شمال افريقيا، وهي: التحنو، التمحو،الريبو، الليبو، الماشوش، وكل هذه الاسماء وصلتنا من خلال الرسومات المحفورة في أهرمات، وآثار مصر، ولم يستعملوا كلمة، بربر، في اشارتهم لسكان المنطقة الغربية لهم، أي شمال افريقيا، الإغريق نقلوا مصطلح، ليبيا، والليبو، عن المصريين واستعملوه لوصف شمال افريقيا والانسان الشمال افريقي، وحتى إن كان الاغريق قد نقلوا كلمة” بربر” عن المصريين الذين استعملوها لوصف الغريب عن حضارتهم فتبقى بعيدة عن الامازيغ الذين كانوا يسمون انفسهم إيمازغن، مازيغ كما وضحناه في مقال سابق بعنوان : تصحيح المغالطة التاريخية المتداولة حول الاسم الاثني بربر


12) معنى حام وسام، هو أن سيدنا نوح كان له أباء احدهم يسمى بحام والآخر سام والثالث يافث ، ولد حام يسمى كنعان وهذا الاخير له إبن يسمى مازيغ ، ذهب بن عيسى يبحث في القواميس العربية عن كلمة تشبه وتقرب كلمة مازيغ فصادف عبارة ” ترى الرجل الضعيف فتزدريه وفي أثوابه أسد مزيرٌُُ ” وفقام بربط كلمة مازيغ بمازير ؟؟

     لقد عُرف عن مؤرخي العرب مثل هذه الاساليب في كتبهم التاريخية، فكلما وجدوا كلمة يجهلونها، يقدمون لها إفتراض من وحي مخيلتهم، لكن المصيبة أن هذا الافتراض يقدم على أساس أنه حكم، ونتيجة بحث، بل على انه يقينيات علمية تم التأكد منها، ومثال على ذلك، التفسير الذي قدمه مؤرخوا العرب لكلمة “إفريقيا” التي وجدوها عند غزو العرب لشمال افريقيا، فبدل أن يبحثوا في مدلولها في اللسان المحلي قاموا بإختراع قصة لها وربطها بهذا الاسم فقالوا ” ان ملك من اليمن إسمه إفريقش قام بغزو افريقيا فسميت بذلك الاسم”، هذا دون أن يكون لهذه القصة أي أثر مادي، لم تكتب في أي كتاب، ولا في أي نقش حجري او طيني، ولم يقدموا حتى التاريخ الذي حدث فيه هذا الغزو ولا دليل يثبت وجود شخصية اسمها افريقش في التاريخ، في حين ان اسم افريقيا جديد، كان اسما لمنطقة صغيرة في تونس اسمها افر (Afer)، قام الرومان بتعميم الاسم على سنة 146 ق.م على المنطقة التى احتلوها والممتدة من وادى ثوسكة عند طبرقة حتى هنشير طينة عند خليج قابس، بتحريف الاسم بصيغة لاتينية أصبح إفريقية (Africa)، بنفس الاسلوب يقوم الاستاذ بن عيسى بريط كلمة ” مازير” بكلمة” مازيغ” فقط لأن الكلمة الاولى التي وجدها في الشعر العربي لها علاقة بالاسد والشجاعة، وكلمة مازيغ تعني في القاموس الرجل الحر النبيل حسب كتاب وصف افريقيا للرحال حسان الوزان الملقب بليون الافريقي، . وبسبب التشابه اللغوي رغم اختلاف الجذر اللغوي للكلمتين (م ز غ M Z G ) و (م ز ر M Z R ) ،


13) سانت أوغستين في القرن الرابع سأل بعض الفلاحين في ريف بونة (عنابة حاليا) عن اصلهم ، فأجابوا : نحن كنعانيون ، هذا أكبر شاهد وتعريف ذاتي لهويتنا في القرن الرابع :

   هل من المعقول أن نبني أصل هوية شعب، بل أمة بأكملها، على نص واحد للقديس سانت أوغستين وصلنا عبر ترجمة لمستشرقين فرنسيين تتحكم فيهم الأيديولوجية الكولونيالية التي أسست على فكرة عدمة التاريخ للأمة الامازيغية، وعلى ان شمال افريقيا صنع تاريخه الاجانب (المستعمرون) الوافدون، وان كل الانجازات الحضارية التي قدمها الامازيغ قد تعلمها من الغزاة … وهذه الافكار الكولونيالية كانت لتبرير الغزو الفرنسي، بحجة انه جلب التمدن والحضارة للأندجان، وأنه جاء ليستلم إرث الحضارة الرومانية في شمال افريقيا؟

     النص الذي أشار اليه الاستاذ بن عيسى عن القديس سانت اوغستين والذي يستعمله كل العروبين لسلخ هوية هذا الشعب عن أمازيغيته، كان سؤال اوغستين لبعض الفلاحيين في أحواز بونة (عنابة حاليا) في القرن بالرابع ، وجاء في النص :”عندما نسأل فلاحينا من أنتم؟ يجبوننا بالبونية: نحن كنعانيون” هذا النص يجعل منه بن عيسى “اكبر شاهد واكبر دليل” على كنعانية هوية سكان شمال افريقيا ؟؟ يعني لو أن سانت أوغستين صادف فلاحيين في شرق الجزائر من أبناء الغاليين المرتزقة الذين خدموا في الجيش القرطاجي، وأجابوه بأنهم من بلاد الغال، لأصبح هذا النص اليوم دليل على فرنسية الشعب الجزائري وهويته الغالية حسب منطق رشسد بن عيسى ؟

هذا رغم وجود أدلة كثيرة تكذب هذا الادعاء وتأكد أن التواجد الفينيقي في بعض سواحل البلاد كان مجرد قطرة في بحر كله أمازيغي، نختار منها على سبيل المثال لا الحصر شهادة أبو التاريخ، هيردوت الذي ترضى عليه رشيد بن عيسى، حيث أكد هيرودوت في كتابه الرابع عن الليبيين في القرن الخامس ق.م على الوحدة الاثنية لسكان شمال افريقيا الذين يطلق عليهم “الليبيين” وعن أصالتهم الافريقية حيث يقول في الفقرة 197:

“… وأني لأضيف إلى ما ذكرته عن هذه البلاد أنه بقدر ما تسعفنا معلوماتنا تعيش هناك أربع أمم لا أكثر، اثنتان منهما أصليتان واثنتان غير أصليتين، فالليبيون في الشمال والأثيوبيون في جنوب ليبيا أصليون ، أما الفينيقيون والإغريق فأنهم استقروا فيها فيما بعد .”

نختار دليل آخر يعود الى القرن الثاني عشر وهو كتاب مفاخر البربر الذي كتب في العهد الميريني القرن الثاني عشر أي قبل إبن خلدون والذي وصلنا عبر مخطوطة تم حفظها في متاحف المغرب جاء فيه ان نفرا من سكان شمال افريقيا ذهبوا الى الخليفة عمر بن الخطاب ولما سئلهم عن الإسم الذي يعرفون به أجابه النفر أنهم “بني مازيغ ” وبعيدا عن صحة الرواية ام لا ما يهمنا هو ورود عبارة هوياتية مكتوبة في مخطوطة في القرن الثاني عشر تأكد لنا أن أهالي هذه البلاد كانوا يسمون انفسهم آت مازيغ . ( كتاب مفاخر البربر ، فصل في ذكر سبق البربر و فخرهم ، صفحة 180 ) .


14) لماذا يريدون تغيير اللسان البربري يتسائل رشيد بن عيسى ؟

    الأمازيغ يريدون تطوير وترقية اللسان البربري كما فعلت و تفعل كل دول العالم وهذا لحمايته من الانقراض فكل لغة لا تدرس ولا تكتب في زمن العولمة الذي أصبح فيه العالم مجرد قرية محكوم عليها بالانقراض، والتدريس يعني التأهيل والتأهيل يعني ظهور تغيير في هذه اللغة لكن نحو الأحسن وليس الأسوء كما فهمه بن عيسى الذي يقدم على انه بروفسور في اللسانيات لكننا لم نجد له ولا ورقة بحث علمية واحدة ، ولا كتاب واحد حول الألسن البربرية التي يريد الحفاظ عليها من اللغة الأمازيغة الجامعة كما صرح به ، لا في الجامعات ولا في المجالات العلمية .

   الدكتور رشيد بن عيسى صرح بهذه التصريحات ، مباشرة بعد ان تم الترويج لفيديو قديم لفرحات مهني مصحوب بترجمة عربية قال فيه أنه ضد الامازيغية الجامعة، وأن “الشعب القبائلي” له لغته الخاصة التي هي اللغة القبائلية، بن عيسى نشط أكثر من أربعة لقاءات في نفس الاسبوع، كرر فيها نفس الافكار حول الامازيغية، ونفس فكرة فرحات مهني، رغم أن الاول قبائلي عروبي قومجي التوجه والثاني قبائلي إنفصالي بربيست التوجه، والمثير للإهتمام في تصرحات بن عيسى هو دعوته بالاهتمام باللهجات المحلية ومحاربة اللغة الامازيغية الجامعة لهذه اللهجات، وهو ما يطرح تسائل إن كان النظام الجزائري وراء هذا التوجه الجديد وأنه يريد حصر الأمازيغية في منطقة القبايل فقط؟ .

بقلم الأستاذ مصطفى صامت

تعليق واحد

  1. رشيد بن عيسى بيطري لا علاقة له باللسنيات
    الامر من ذلك أنه غير وطني فقط لانه شيعي و ولائه لولاية الفقيه في أيران.
    – أين كتبه؟
    – أين مقالاته العلمية؟
    – لماذا ظهر في هذا التوقيت؟
    – يكذب و يذكرمالك بن نبي لوضع مصداقية لكلامه
    – يذكر أسماء لاتينية حتى يقول المستمع فعلا هو عالم.
    – أين شهادته؟
    – لاأثر له في الانترنت؟ الا في يوتيوب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: النسخ ممنوع !!