يشترك جل مناوئي الأمازيغ و الأمازيغية في الجزائر وشمال افريقيا في اعتبار أنفسهم وافدين ولاجئيين وهو ما خلق فيهم عقدة الإنتماء إلى هذه الأرض التي صنعوا لها ضرة في المشرق يحنون إليها ويقدسونها أكثر من بلدهم في الكثير من الحالات ، ومن هنا بدأت فكرة محاولة اثبات الأصل الاجنبي للامازيغ لتمرير فكرة أننا جميعا وافدين، ولا يحق لأي منا المطالبة بهذه الأرض. وكذلك السعي لشيطنة “البربريست” للحد من انتشار تأثيرهم على بقية الأمازيغ الورعين. فالذي تربى على فكرة أنه هلالي قرمطي أو ادريسي “شريف” أو تركي كرغلي أو أندلسي موركسي … دائما ما يشعر بنوع من التوجس كي لا أقول الدونية اتجاه الأمازيغي المتفاخر بأصوله وتاريخيه وثقافته الحية لغة وممارسة ، فهو يرى في الحركة الأمازيغية تهديدا له ، لهذا يحاربها بكل الوسائل خاصة بالأكاذيب والخزعبلات التي لا يمتلك غيرها، ويدافع في نفس الوقت عن القومية العروبية التي تهدف إلى تذويب كل هذه التنوعات والخصوصيات التي تزعجه في بوتقة العروبة، و في إطار مشروع “الوطن العربي من الخليج إلى المحيط” و الذي لا يشعر فيه بالغربة والاختلاف عن الثقافات الأصيلة التي تمثل الآخر المختلف. غير أن الأيديولوجية العروبية كانت السبب الأول في ظهور الحركة الأمازيغية بشمال إفريقيا من طرف نخبة مثقفة أدركت خطرها وتهديدها لخصوصتها المحلية فقاومتها لأجل البقاء، وكان ذلك شأن القومية الفينيقية بلبنان و الكردية والسريانية في العراق والشام … بل إن القومية العروبية نفسها جاءت هي الأخرى كردة فعل لسياسة التتريك التي انتهجتها الخلافة العثمانية في أواخر أيامها .

فكل محاولة تذويب وطمس لخصوصية الآخر إذا تنتج عنها ردة فعل طبيعية تقاومها وتحاول الصمود أمامها وهو ما من شأنه أن يخلق الشقاق والانقسام .

على هذا الأساس فإن الحل الأقوم للدول الوطنية الحديثة يكمن في تبني نموذج دولة المواطنة والوحدة في إطار التنوع والتعدد وهذا لن يحدث في الجزائر الا بمحاربة التطرف والشفونية الدينية والقومجية عبر التنوير و عبر تعزيز الانتماء المحلي من خلال إصلاح المنظومة التربوية التي جعلت الكثير من الجزائريين يعتقدون أن أجدادهم جاؤوا من هنا وهناك بدل القول لهم أنهم جزائريون أصلاء هذه الأرض مهما كانت ألسنتهم وألقابهم .

بقلم مصطفى صامت