شهادة المؤرخ جوزيف نيل روبان حول دور منطقة القبايل في محاربة الحملة الفرنسية سنة 1830
مشاركة منطقة القبايل في معركة سطاوالي جويلية 1830:
تعتبر كتب الكولونيل الفرنسي جوزيف نيل روبان من أهم الكتب التي أرخت لمرحلة الغزو الفرنسي للجزائر سنة 1830، كما أرخ كذلك لمرحة الاستعمار العثماني ،ولأهمية مؤلفاته التي غلب عليها طابع الموضوعية مقارنة مع غيره رغم أنه عسكري شارك في الغزو فان الكثير من المؤرخين الذين إشتهروا بكتاباتهم حول تاريخ الجزائر المعاصر إعتمدوا على شهداته ومنهم المؤرخ (Mahe Alain) الذي قدم هذا الكتاب وهو من المهتمين بتاريخ منطقة القبايل الجزائرية كذلك.
بخصوص الكاتب فهو جوزيف نيل روبان Joseph Nil Robin) 1837- 1918 ) قائد وكولونيل فرنسي ، تقلد مناصب عدة في الجزائر المستعمرة ، ضابط سامي في شؤون الأهالي ( الأندجينا) مهتم بتاريخانية منطقة القبائل وألف كتبا عديدة حولها منها :
°° Les Notes historiques sur la Grande Kabylie
°° Histoire Du Cherif Bou Baghla -1884
°°L’Insurrection de La Grande Kabylie En 1871
°°La Grande Kabylie sous le régime turc
°°Notes historiques sur la Grande Kabylie de 1838 à 1851
اما الكتاب الذي تم الاقتباس هذا الموضوع منه فهو كتاب ” Notes historiques sur la grande Kabylie de 1830 à 1838 ” والذي نلخص منه مشاركة سكان منطقة القبايل في الجهد الدفاعي ضد الغزو الفرنسي عشية الاحتلال سنة 1830 ، حيث يزودنا هذا الكتاب بمعلومات تاريخة في غاية الاهامية مثل أسماء الأعراش والزوايا وبعض الشخصيات المهمة التي شكلت الحدث العضيم وهو استجابة سكان منطقة القبايل لنداء الجهاد ضد الحملة العسكرية الفرنسية بي 25 ألف مقاتل قبائلي توجه الى العاصمة حاملا راية المقاومة و الجهاد .
وهذا العدد يعتبر الاكبر مقارنة من باقي المناطق في الجزائر كما أكده هذا المؤرخ وغيره من امثال المؤرخ (Guiral) الذي قال في كتابه Les militaires à la conquête de l’Algérie (1830-1857) ما ترجمته ” عشية الاحتلال اعلن مفتي الجزائر الجهاد على فرنسا فارسل احمد باي من الشرق 13 الاف جندي وباي وهران ارسل 6 الاف جندي بينما أرسلت منطقة القبايل لوحدها 18 الاف جندي لردع القوات الفرنسية النازلة في سيدي فرج (ص 63 ) .
وهذا بعض ماذكره المؤرخ جوزيف نيل روبان في كتابه هذا كما ترجمه الى العربية الاستاذ أيت حمودة الطيب :
°مشاركة القبائل في صد الحملة العسكرية الفرنسية لإحتلال الجزائر في 1830 تصل حدود خمسة وعشرون ألف مجاهد قبائلي زواوي .
°عندما علم الداي حسين بأن جيوشا فرنسية غازية لمدينة الجزائر وجه نداء للقبائل العربية ولقبائل الأمازيغ عبر رسائل تذكرهم بالواجب المقدس في حماية الملة ورد العدوان .
°عندما وصلت هذه الرسائل إلى بلاد القبايل وقعت تجمعات كبرى ،وجرت مداولات ونقاشات على مستوى كل قبيلة عن كيفيات تلبية نداء (حسين باشا) داي الجزائر أنذاك .
°الأشراف و رجال الدين كلفوا بمهام تجييش القبائل للمقاومة و العمل على فض النزاعات الحربية القائمة بينها لتوحيد صفها ضد العدو القادم من وراء البحر ، في حالة عصيان أي قبيلة الإستجابة ، تحاربها القبائل الموحدة لإجبارها على الإستجابة لمنطق الكلمة الواحدة ، وهو حقق وحدة القبائل جميعها استعداد لرد العدوان الفرنسي ، وإرجاء كل خلافاتهم العروشية إلى ما بعد مهمة صد الغزو وكل شخص يعمل على تصفية أحقاده وعداواته يُطرد من انتمائه للقبيلة ، وأملاكه تحجز، وديونه لغيره تفسخ ، وكل فرد تحققت فيه تهمة السرقة بعد مغادرة المقاومين لديارهم يُعاقب بالموت ، كل هذه الأعراف القانونية المحلية معلنة ومشهرة في الأسواق والساحات والمساجد … وفي نفس الوقت كل واحد من القبائليين مطالب باتخاذ الإحتياطيات الإجرائية ذات العلاقة بالحرب ، تحضير السلاح وذخيرته ، مأكله ومشربه ، والذين ليس لهم القدرة على ذلك تتكفل الجماعة باحتياجهم من الأموال المحصلة من القاعدين على الجهاد (جهاد المال) .
بعضهم بدأ في عد ممتلكاته وحصر ديونه وكتابة وصاياه لتقسيمها تحسبا للإستشهاد في المقاومة ، وبعضهم حبس ممتلكه ( أهدى ما يملك للحبوس) ، فجو الإستعداد للمقاومة كان رهيبا ، لأن القبايل بحكم موقعهم القريب من جبهات القتال وهم يمثلون الفصيل الأكبر عددا في نجدة الجزائر .
حددت أماكن تجمعات مجاهدي القبائل حسب الآتي :
°° العمراوة الفواقة ، وقبائل أعالي ( سباو) سيجتمعون عند ( الشيخ أومدور )
°° العمراوة الأسفل (تحت) والقبائل السفلى (لسباو) وفليسة أم ليل سيجتمعون في ( لعزيب نزعموم ) .
°° قبائل جرجرة بُغني وقبائل غربها ، تجتمع في جمعة يسر .
في التاريخ المحدد اجتمعت قوافل المجاهدين القبائل في المواقع المعينة مصحوبة بالأطفال والنساء والشيوخ لتوديعهم بالتهليل والتكبير المصحوبة بزغاريد النسوة . القرى وفرت البغال والدواب لحمل المؤن ونقل الجرحى والشهداء الذين سيسقطون في مذبح الشرف الجهادي ، والفرقة المكلفة بذلك تحدد عناصرها مسبقا , عند مسير القبائل الأمازيغية للجهاد المقدس ، فمجاهدو كل قبيلة يكونوا مرفقين ( بشيخ زاويتهم ) يحمل بيرق (علم) الزاوية تميزا ، في يوم المعركة المشهود تغرس أعلام الزوايا كلها على طول جبهة القتال تحديدا لمواقع التمركز والإنتشار في انتظار أوامر الهجوم أو المناورة والإنعطاف يمينا أو يسارا حسب أوامر القيادة التنظيمية الآتية :
°° بني ايراثن بقيادة ( سي محمد الحناشي نايت واعمر من تمزيرت ) ممثلا للمرابط ( سي محمد سعدي ) حاملا لعلم زاوية الشيخ واعراب .
°° أث فراوسن ، أث خليل ، أث بوشايب ، يقودهم ( سي سعيد أوسحنون ) من تمزريت ، ومرابطهم هو ( سي الحاج الصالح نايت داود) من الصومعة .
°° أث جناد يقودهم ( محمد والعربي نايت بابا) حفيد دحدوش نايت بابا ، الذي سبق وأن ناصر جهود يحي آغا في 1825 ، مرابطهم هو ( سي العربي واشريف ) من تازروت ، وتحت ألوان علم زاوية سيدي منصور .
°° قبيلة فليسة البحر بقيادة ( أعراب لقروجن ) ومرابطهم ( الشيخ أعراب أمسون ).
°° أث غبري ساروا للجهاد بقيادة ( الشيخ بوحميل ) مرابطهم ( سيذي احمذ أومالك ) من تفريت نايث الحاج ، يحملون علم زاوية جدهم .
°° أث يجر ، أسيف الحمام ، تيقرين ، يقودهم ( محمد نايت علي ) ، مرابطهم ( الشيخ الموهوب) ، من تفريت نايث مالك .
°° الزرخفاوة وبني فليك بقيادة ( سعيد واعمر ) ، مرابطهم ( سيدي محمد أوطازفون ) .
°° إلولة و أث زكّي بقيادة ( علي أوكزوز ) وشيخ زاوية طلبة بني دريس .)
°° أث إتورار وأث إليتن ، بقيادة( سعيد نايت حملات ) ومرابطهم ( سرير وليد سيدي يحي واعمر) .
°° أث وقنون قادهم ( أحمد نايت يحي) وهو الذي سبق له أن حارب يحي آغا التركي 1825 ، المرابط سيدي السعدي من الشرفة .
°° أث يحي ، أث يوسف ، أث منقلات ، لهم قيادة يحي نايت أوعزوز ، ومرابطان هما سي الهادي أث منقلات ، وسي محمد أوشريف من أث بو يوسف .
°° أقبيل ، أث عطاف ، أث بودرر ، أث وسيف ، أث بو عكاش ، قادهم جميعا كل من : الحسين ا,زنوش ، والحاج أعمر قاسي .
°° علي نايت يوسف واعلي ، علي وامحمد أوقاسي ، الحاج المختار نايت سعيد ، مرابطهم هو سي الجودي من بني بودرار .
°° أث يني ، لهم براهم واحمد ، ومرابطهم سي الحاج لمين .
°° أث صدقة ، قادهم ( سي أحمد أوعياذ ) من واضية ، ومرابطهم سي المحفوظ من بني شبلة .
°° أث محمود ، قيادتهم أسندت إلى ( الحسين نايت امبارك ، ومرابطهم نور الدين أيت زيان .
°° أث عيسى والمعاتقة بقيادة الحاج الطاهر ، مقدم الزاوية سيدي علي أوموسى .
°° قشتولة قادها (الحسين واعلي ) مرابطهم مقدم زاوية سيدي عبد الرحمن بوغبرين ، والغبرينيون لهم مكانة مميزة دينيا وقياديا .
°° عمراوة مرابطهم ( الشيخ محمد أمزيان) من أولاد بوخالفة ، قائدهم ( عمار أو سعيد نايت قاسي ) لعمراوة فوقة ، و(عمار بن محي الدين ) لعمراوة تحتا .
°° فليست أم الليل ، قادها الحاج محمد بن زعموم ، والحاج محمد أوشكال ، مرابطهم ( سيدي سماعيل ) .
°° قائد [ سباو] محمد بن مصطفى بوكرش سار كذلك بجيشه moukahalia, تحت وقع الموسيقى العسكرية و أعلامه الخفاقة ، إنه رجل ضخم الجثة يهوى الصيد ، ويتعيش بسلاسة مع بعض القبائل ، مخازنية ( عمراوة ) و ( عبيد) يعترفون بولايته ، أما القبائل الأخرى لا يعترفون بقراراته إلا بعد إخضاعها للمداولة في مجلس شيوخهم .
فعالية القوة العددية التي قدمتها منطقة القبائل للدفاع عن الجزائر :
من الصعب التقدير ، لكن بالنظر إلى قوات (الآغا براهيم ) التي وظفها ضدنا في معركة ( سطاوالي ) والتي تقدر بحوالي خمسين الف مقاتل ، وبالنظر لما قدمه باي قسنطينة وباي التيطري ووهران الذين لم تتجاوز مشاركتهم ألفي مقاتل ، مع الأخذ بعين الإعتبار الأعداد القادمة والمنسحبة ، وصلنا إلى تقدير عدد مقاتلي القبائل الذين غادروا قبائلهم وديارهم لنجدة الجزائر (صائفة 1830) على الأقل 25.000 مقاتل ، إنه جهد كبير جدا باعتبار أن هذا العدد يمثل [ عشر سكان الجزائر] أنذاك .
°°عندما وصلت القوات القبائلية إلى حسين باشا ( داي الجزائر أنذاك) رفع صوته بالتهليل والتكبير ابتهاجا وتعظيما لتلك القوة ،ووعدهم بالأسلحة والذخيرة والمؤونة الغذائية .
°°القبائل تعاونوا مع باي قسنطينة ( الحاج أحمد) قرب برج الحراش ، وهم قناصة مميزون ، ويستخدمون السلاح عن حب ، إنها القوة التي أذهلتنا في دفاعاتها عندما اجتاحت جيوشنا أرض الجزائر .
Source : Notes historiques sur la grande Kabylie de 1830 à 1838 du colonel Joseph Nil Robin
ترجمه إلى العريية مع التصرف الطيب أيت حمودة .