التاريخ القديم

الدوافع السياسية والايديولوجية وراء سعي القوميين العرب لتعريب الفينيقيين والأمازيغ

إذا كانت فكرة الاستعمار الفرنسي قائمة على أن فرنسا هي الوريثة الشرعية للحضارة الرومانية في شمال افريقيا فإن الاستعمار العروبي (القومية العربية) قد اقتبسوا فكرتهم هذه وصاغوها على أن العرب هم ورثة الحضارة البونيقية في شمال إفريقيا ، اختلف التوقيت والكيفية إلا ان الغرض واحد وهو تبرير الاستعمار .

  أكذوبة عروبة الفينيقيين:   

    حينما إصتطدم مشروع القومين العرب بالتمرد و رفض الذوابان والانصهار ، من لدن الأعراق غير عربية الساكنة في أرضها الأصلية الواقعة تحت خريطة مشورع ما سمي ” بالوطن العربي ” ،عمل هؤلاء القوميين على بعث أفكار مؤدلجة قصد إخضاع وإستكمال تعريب الشعوب التي تم تعرب جزء منها أو أغبلها بعد أسلمتها ، وقد خرج التيار التعربي في الأونة الأخيرة بالجزائر بفكرة “عروبة الفنيقين ” بعد فشل وتراجع فكرتهم السابقة المتعلقة “بفكرة عروبة الأمازيغ” وهذا للبحث عن ملجئ تاريخي للتاير العروبي في الجزائر الذي أحرجه العرب الأقحاح في الخليج الفارسي والحجاز العربي والذين يصفون الشعب الشمال إفريقي بالبربري/الأمازيغي وينكرون له إدعائه للعروبة كلما حدثت بين الشعبين أزمة ديبلوماسية معينة. فمن هم الفنيقيون وما علاقتهم بالشعوب السامية ؟ وكيف يمكننا فهم العقل العربي الذي يسعى الى تعريب الشعوب المحتكة به ؟وهل يمكن إثبات أصول البشر بالمقاربة اللغوية التي يستعملها كتاب التيار القومجي ؟

   المعروف تاريخيا و أكاديميا أنه ليس هناك إتفاق بين المؤرخين حول أصول الشعب الفينيقي ، فقد اختلف المؤرخون القدامى والمحدِثين حول الفنيقيين، فاعتبرهم هيردوت (Hérodote) مهاجريين من سواحل البحر الارتيري واعتبرهم سترابون (Strabon) من الخليج الفارسي بينما رأى جُوستان (Justin) أنهم نزحوا الى لبنان عن طريق البحر الميت بعد حدوث زلزال في موطنهم الاصلي ، أما فيلون الجبيلي (Philo Byblos) فيرى أن موطنهم الاول هو لبنان، فيما يرى المؤرخ الايطالي موسكاتي (Moscati-s) أن الفينيقيين قبائل مختلطة من الآراميين والفلسطنيين والعبرانيين وحدتهم الطبيعة الجغرافية في حين يرجعهم الكتاب العرب الى شبه الجزيرة العربية هاجروا الى لبنان مع الهجرات السامية قديما .

   دعونا الآن نساير كلام الكتاب العرب ونجعل الفينيقيين ساميين لكن قبل ذلك قد يطرح البعض منكم سؤال حول معنى كلمة سامي ؟ والجواب هو أن اللسانيين المهتمون بلغات الشرق الأدنى القديم وجدو تقارب في بعض الألفاظ وجذور الافعال بين هذه اللغات من بينها الأكدّية والكنعانية والعبرية والفينيقية والآرامية والنبطية والحبشية والعربية. لهذا بحثوا لها عنها عن أصل مشترك تكون قد انحدرت منه ، ففكر بعض المؤرخين على ما يتطابق مع فكرة شجرة الانساب الواردة في التوراة حيث اطلق العالم الالماني “أوجست لودفيج شلوتسر” (August Ludwig Schloester) مصطلح (السامي) على هذه المجموعة اللغوية مطبوعاً لأول مرة عام 1781 م في مقال له عن الكلدانيين وذلك قياسا على نسب سام بن نوح الوارد في الاصحاح العاشر في سفر التكوين للعهد القديم الفقرة 31 (التوراة) ، فأضحى هذا التصنيف تقليدا أدبيا يستعمل للفصل بين بعض المجموعات اللغوية حيث يقال “عائلة اللغات السامية” و “اللغات الحامية ” و ” اللغات اليافثية” … لكن هذا التصنيف لم يعد يعتمد عليه كثيرا في الأونة الأخيرة لانتقال اللسانيون إلى استعمال مصطلحات جديدة من قبيل “عائلة اللغات الأفروأسوية” بدل السامية و”عائلة الهيندوأروبية” بدل اليافثية …

من هذا المنطلق فقط خرج علينا الكتاب العرب من أصحاب النزعة القومية العروبية بالقول أن كل الشعوب السامية هي شعوب عربية إلا العبرانيين اليهود (رغم أنهم ساميون كذلك) ليسوا عرب حسبهم لأن قول مثل هذا الكلام سيسبب لهم مشاكل تاريخية في صراعهم مع اسرائيل حول احقية القدس وأرض فلسطين وهذا رغم أن العبرية هي أقرب لغة سامية الى الفينيقية باتفاق جل المؤرخين(راجع: Albert . c , G, Encyclopodia Britanica , vol 17 , 1958 Edition , iton phoenica ,p.764 )

فهذا “فيليب حتي” أشهر المؤرخين اللبنانيين المهتمين بتاريخ الفينيقيين والمتخرج من الجامعات الامريكية يقول في كتابه تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين،ج 1،. بيروت 197 ، ص 74 : ” اللغة الفينيقية والعبرية تنتميان الى الفرع السامي الغربي وهو فرع يسمى أيضا بالشمال الغربي لتميزه عن الجنوبي الغربي الذي يضم العربية .” راجع أيضا : Z .S Harris. The Developmet of the Canaanite Diatects (Conn, 1939). Pp. 29-30 وكذلك H.Geotze , Language 17 (1941), 128-31 ويعني هذا أن العبرية والفينيقية متقاربتان لغويا بسبب القرب الجغرافي الشمال الغربي بأرض الشام حاليا وتختلف هاتين اللغتين عن العربية السامية لبعدها الجغرافي الجنوبي في شبه جزيرة العرب .

     وهذا ما يفسر لنا سبب اعتماد الباحثين في النقوش الاثرية الفينيقية على العبرية القديمة لفك وقراءة تلك النقوش وهو ما يشرحه مؤلف كتاب “قرطاج البونية . تاريخ حضارة ” في قوله : ” يمكن التوقف على نوعية أخرى من العراقيل تتعلق بطبيعة اللغة الفينيقية- البونية نفسها ذلك أنها لغة سامية تكتب بدون رسم الحركات وهو ما يعطي هامشا كبيرا للتأويل ويضيف إلى ذلك انها لغة تم فك رموزها وفهم ماتيسر من معانيها باعتماد المقارنات والمقاربات مع لغات سامة أخرى معروفة كاللغة العبرية القديمة من هنا يصطدم الباحثون الموضوعيين بصعوبة فهم الكثير من الألفاظ والعبارات ما يقتضي بالإمساك تماما عن تقديم أجوبة مجازفة ويعتبر ذلك أفضل من تقديم فرضيات لا يدعمها المنطق ولا تستند إلى حجج تاريخية يمكن الوثوق بصحتها “.(كتاب قرطاج البونية . تاريخ حضارة . الشاذلي بورونية .ومحمد طاهر مركز النشر الجامعي .ص 46)

    كما جاء كذلك في كتاب تاريخ اللغات السامية ، أ. اولفستون‎، وهو مدرس اللغات السامية في الجامعات المصرية ، في صفحة 55 : ” ولو لم يكن للغة الكنعانية اتصال وثيق باللغة العبرية ما أمكنتنا أن نعرف شيئأ كثيرا عنها لأن ما وصل إلينا من آثارها قليل جدا ومن أقاليم متعددة كسوريا وفلسطين ومصر وجزر البحر الأبيض وقرت حَدَش وليس يكفي كل هذا لتكوين نظرية واضحة عن نشأة اللغة الكنعانية وتاريخ طوائفها“. ويقول في صفحة 56 : ” يعد الكنعانيين من أقرب أقرباء الأسرائليين لإشتراكهم معهم في اللغة ومشابهتهم لهم في اخلافهم وحضارتهم القديمة “.
ويوضح هذا أكثر المؤرخ محمد الهادي حرش نقلا عن قزال في قوله : “ولا بد أن الصعوبة التي وجدها الباحثون في فهم الفينيقية تعود الى أن الشعب الفينيقي هو خليط من الاجناس كما أكدته الابحاث والى استقلالية المدن في فينيقيا فالصوريين كانوا يسمون انفسهم صوريين والصيديون يسمون انفسهم صيديون.. بينما الاغريق هم من اطلق عليهم تسمية الفينيقيين بسبب تشابه في النمط المعيشي بينهم ،خاصة تجارة مادة المرجان ،ويظهر أن بعض المدن في فينيقيا مثل مدينة أوجاريت (رأس- شمره) لها لغتها الخاصة التي تختلف عن الكنعانية وتشبه العبرية كثيرا حيث عثر فيها على ألواح من طين مكتوبة بالمسمارية في المدينة التي دمرت في 1200 ق.م بعيدة عن الفنيقية ” (  J .C. Geentield , JCS 21 (1967), 89-93).

وهذا الفيديو عبارة عن قراءة لبعض النقوش المكتوب باللغة الفنيقية ويمكنكم ملاحظة مدى بعهدها عن العربية بالمقابل هي أقرب الى اللغة العبرية / الاسرائلية من أي لغة أخرى كما يؤكده الباحثون في اللسانيات وكذلك المؤرخون .

بعد هذا السرد البسيط نطرح الأسئلة التالية على جماعة عروبة الفينيقيين :
– إذا كانت الفينيقية عربية كما تدعون فقط لأنها من عائلة اللغات السامية فلما لا تعبرون اليهود عربا وهم ساميون أيضا و بهذا يحق لهم العيش في أرض العرب بدل اعتبارهم غزاة مستعمرين لأرض فلسطين مثلا ؟

– وإذا كان الفينيقيين عرب فقط لأنهم ينتمون الى الساميين  مثل العرب واليهود، وأن مجد وحضارة الفينيقيين هو مجد للعرب كذلك ، فهل يعني هذا أن الفراعنة أمازيغ وأن تاريخ ومجد وحضارة المصريين هو تاريخ ومجد الامازيغ كذلك بما أنهم ينتمون الى نفس العائلة اللغة التي تنتمي اليها الامازيغية وهي الحامية كما يتفق عليه اللسانين ،علما أن الامازيغ حقا ساهموا في صناعة تاريخ مصر عن طريق تزعمهم وقيادتهم لعرش الفراعنة من الاسرة 22 الى غاية الاسرة 26 بتفاق كل العلماء ، كما لا يخفى على أحد الشبه والتأثير الثقافي بين الشعبين ؟

– وإذا كانت العامية الجزائرية فينيقية كما يدعي بعض الهواة وليس المؤرخين (لأن القول بأن الدارجة الجزائرية من الفينيقية هو كلام ايديولوجي مناقض للمعرفة العلمية الموضوعية لكننا هنا نسايره لمناقشة أصحاب الادعاء فقط ) ،فلماذا لا يفهم العرب اللغة العبرية اليوم (حتى الحديثة منها التي أخذت عن العربية الكلاسيكية الكثير من الكلمات فما بالك بالقديمة السابقة لظهور العربية الفصحى) بما أنها أقرب لغة سامية الى الفينيقية كما أوردنا في المقال وبالمراجع الأكاديمية ؟ أليس من المفروض أن تكون العبرية هي نفسها الدارجة الجزائرية أو على الأقل مفهومة للجزائريين والعرب بما أن الفينيقية هي دارجتنا الحالية كما يدعى أنصار القومية العربية دون أي إحترام للمنطق و لعقول الناس ؟

  • لماذا لا نجد نفس الدارجة الجزائرية اليوم في لبنان (فينيقيا قديما ) ولا حتى تقارب كبير بينهما من حيث اللكنة والنغمة والمصطلحات التي لم تأتي من العربية الكلاسيكية الحديثة وتصريف الافعال والنحو في الكثير من الحالات؟

-لماذا لا نجد نفس اللغة أو الدارجة في المناطق التي استعمرها الفينيقيين مثل قادش (Cadex) في ابيريا وكيتيوم (Kitium) وأماثوس (Amathus) وأيداليون (Idalion) في كل من قبرص وسردينيا ؟

– لماذا لم ينقل لنا أي مؤرخ عربي مسلم أو غيره معاصر لفترة الغزوات الاسلامية لشمال افريقيا بأن العرب الامويين قد عثروا هناك على قوم يتحدثون لغة مفهومة بالنسبة لهم أو على الاقل قريبة أو مشابهة للغتهم ما دامت الدارجة الجزائرية أو المغاربية من بقايا البونيقية أو الفينيقية كما تدعون علما أن مرحلة احتكاك العرب الامويين مع البربر الامازيغ خلال الغزوات العربية قد تم توثيقها في كتاب العبر والمقدمة لابن خلدون وكتاب فتوح البلدان للبلاذري و كتاب البيان المغرب في أخبار الأندلس و المغرب لابن عذاري … وغيرهم بل بالعكس من هذا فقد أكدت هذه الكتب أن سكان شمال افريقيا وكل أمرائهم وحتى بعد أن أسلموا كانوا يتحدثون بلسانهم الامازيغي البربري ( راجع : كتاب الانساب للبيذق صفحة 39 وصفحة 42 و 49 و كتاب العبر لابن خلدون الجزء 07 الخبر عن بنو عبد الواد …) ؟

      وهذا الكلام يؤكده كبار المؤرخين المحدثون كذلك أمثال ستيفان قزال (Stéphane Gsell) الذي يقول : “ ولقد وجد الفاتحون المسلمون عند قدومهم طائفتين متميزتين من السكان ، إحداهما تتحدث باللاتنية وكانت مسيحية . والثانية حافظت على لغتها وعاداتها كما حافظت في الغالب على آلهتها الوثنية فالآولون كانوا هم الروماني Romani والآخرون هم البارباري Barbari . وقد حافظ العرب على الاسمين ، بحيث دعوا الأولين باسم الروم Roum ودعوا الآخرين باسم البرابر Braber “(غزال .تاريخ شمال افريقيا القديم ، جزء 5 .ص103-104).

    هناك شهادة مهمة للمؤرخ جورج مارسيه في هذا الجانب تدل على إنقراض البونيقية حتى في عاصمتها بقرطاج عند وصول العرب ،حيث قدم لنا أدلة مهمة أكدت أن اللاتينة كانت اللغة المستعملة فيها من طرف سكانها ،المرومنين إثر الاحتلال الروماني ثم البزنطي ،  وأن العرب وجدوا سكان قرطاج يستعملون اللاتينية في التدوين منذ وصول العرب الى غاية عهد موسى بن نصير و الخليفة عمر أبن عبد العزيز الذي عزز التعريب في دوانه بإفريقيا (تونس) التي كانت نخبة من الأهالي هم من يسيرونها وهذا نص  كلامه : ”  تحت أيدينا نقود مسكوكة في أفريقية ،على الأرجح في قرطاج، مسطرة باللاتينية وذلك حتى نهاية القرن الأول الهجري، والبعض يحمل اسم الأمير موسى بن نصير بالحروف اللاتينية ، وقطع أخرى مدون عليها صيغة لاتينة تترجم تماما الدعوة ” لا إله إلا الله ” هذه البقية من اللاتينة التي توافق بصدق فترة الانتقال سوف تنتهي في عهد الخليفة عمر بن عبد الغزيز . سبق أن حاول الخليفة عبد الملك (680- 705 ) تعريب الإدارة وفرض اللغة العربية في جميع المكاتبات الرسمية لكن عمر الورع (717-720 ) أعطى هذا الإصلاح حماس عقيدته وكانت حركته فعالة ” ( كتاب بلاد المغرب وعلاقاتها بالمشرق الإسلامي في العصور الوسطى ، جورج مارسيه ، صفحة 47 )

      دعونا الان نقوم بتشريح بسيط للعقل العربي المسلم من منطق فلسفي و انثروبولوجي لفهم الاسباب والدوافع الكامنة وراء سعيهم الحثيث الى تعريب وإرجاع نسب كل شعوب العالم الى أرومتهم العربية وجزيرتهم باليمن والحجاز !.

    كان العرب المسلمين الأوائل المهتمين بالتاريخ ،خاصة مجال الأنساب يعتقدون أن آسيا الغربية هي مركز الدنيا و مهد الإنسانية بسبب نزول كل أنبياء الديانات الإبراهيمية في تلك المنطقة وهو ما جعلهم يعتقدون بنزول آدم كذلك الى تلك البقعة كون آدم أب الأنبياء حسبهم ، وكذلك سفينة نوح، وبسبب التأثير الكبير لأفكارهم بالتراث اليهودي فقد كانوا كثيرا ما يستقون أفكارهم من روايات كان مصدرها البعيد سلسلة الأنساب المذكورة في الإصحاح العاشر من كتاب التكوين التي تقول أن جميع البشر من الأبناء الناجين من طوفان نوح (راجع مقالنا حول اهذا الموضوع من (هنا ) من خلال هذا التصور الذي هو تصور اسطوري ميثولوجي لم يثبته علم الحفريات والآثار ليدخل في علوم التاريخ القائم على منهجة علمية صارمة، أضف إلى ذلك فلسفة الاعتزاز والتعالي التي اكتسبوها بعد توسعاتهم الاسلامية الممزوجة بفكرة “خير أمة أخرجت للناس “، والتي خلقت في نفسيتهم مركب امتلاك الحقيقة المطلقة فقط لأنهم مسلمين ، مكلفين بنشر رسالة السماء الى بقية الشعوب الكافرة القابعة في “ظلمات الجاهلية” حسبهم ، وهي أفكار شهدناها مع الاستعمار الأوربي بفكرة الجنس الآري المتفوق الذي عليه نشر الحضارة في البلدان التي استعمرها ، بهذه الفلسفة عمد العقل العربي على ارجاع أصل الامازيغ والفراعنة والفينيقيين والسومريين .. الى العرب كما يظهر عند النسابة العرب، وقد تعززت هذه الافكار أكثر بعد ظهور ايديولوجية القوميين العرب التي جاءت كبديل جديد لرابطة الخلافة الاسلامية ، بعد سقوط أخرتها العثمانية، وهذا ضمن أفكار جديدة مماثلة نافستها على التوسع والسيطرة في بلدان التابعة للخلافة الاسلامية العثمانية سابقا ، وتكمن هذه الافكار في ايديولوجية الوهابية والاخوانية،. وكان على القوميين العرب البحث عن طريقة لإذابة التنوعات العرقية واللغوية المسلمة خاصة في البلدان الشمال افريقية التي توسعت فيها عملية التعريب ، فخرج علينا الدكتور العروبي عثمان سعدي رئيس “جمعية الدفاع عن العربية بكتابه “عروبة الجزائر عبر التاريخ” سنة 1983 كمحاولة له لمواجهة واحتواء أفكار الربيع الامازيغي الذي انفجر بالجزائر قبل ثلاثة سنوات من صدور كتابه هذا ، وهذا دليل أن الكتاب خالي من أي حس معرفي علمي أكاديمي ، ثم كتاب آخر بعنوان “الأمازيغ عرب عاربة” سنة 1996 متزامن مع بمرسوم أصدره الرئيس اليامين زروال في 21 ديسمبر 1996، وتأسيس المجلس الأعلى للغة العربية لتطبيق قانون التعريب الشامل الذي كان مجمد في عهد محمد بوضياف وكذلك تأسيس المحافظة السامية للأمازيغة في 1995 الذي جاء نتيجة إضراب المحفظة بمنطقة القبايل الامازيغة بالجزائر سنة 1994. وقد كان الرئيس الليبي القذافي المتبني للإيديولوجية العروبيين هو من مول تكاليف الطبع ونشر وتوزيع كتب عثمان سعدي حيث ان الطبعة الثانية من كتاب الامازيغ عرب عاربة صدرت في ليبيا سنة 1998 . وكتاب الأستاذ العروبي التونسي محمد المختار العرباوي “البربر عرب قدامى، في مواجهة النزعة البربرية وأخطارها الانقسامية” وفخامة العنوان تكفي لفهم ايديولوجية المؤلف وأهدافه ،ولم تختصر مثل هذه الكتب المؤدلجة والمسيسة على الامازيغ فقط بل لم يسلم منها حتى المصريين الذي صدموا بصدور كتاب للاستاذ الليبي علي فهمي خشيم بكتابه “آلهة مصر العربية” سنة 1990 وكتابه الثانية “البرهان على عروبة اللغة المصرية” سنة 2007 !

     ولما تتصفح هذه الكتب فإنك لن تجد مادة علمية من قبيل رويات أدبية موثوقة في الكتب القديمة لمقارنتها بأبحاث أركيولوجية حدثية لإثبات صحتها، بل مجرد فرضيات من وحي مخيلتهم لا سند تاريخي لها قدموها في كتبهم على أنها يقينيات تاريخية ،بل تجد فيها خزعبلات أسطورية من قبيل الملك إفريقش العربي الذي جاء إلى الجزائر وقتل الملك جرجر، ومنه جاءت افريقيا ، والملكّ فرعون العربي اليمني الذي كان راعي الغنم في اليمن واسمه عون ففرّ هاربا من اليمن فسُمي فرعون، ومدينة برلين الانجليزية كلمة عربية مكوّنة من شقين برّ معناه تربة وليّن أي لين ورطب وبهذا فهي التربة اللينة وأصلها عربي! وكذلك تأويل الكلمات المصرية والامازيغية ومقارنتها بكلمات عربية مثل ما جاء في كتب عثمان سعدي بأن كلمة أرڨاز (الرجل) أصلها عربي من الركيزة وأخام من الخيمة وثمطوث من الطمث .., رغم أن اللسانيون اليوم لا يعتمدون على المقاربات اللغوية في تحديد الاصول لأنه علم غامض يصعب فيه تحديد من أخذ اولا عن الآخر ولأن جميع اللغات تتشابه في الكثير من المصطلحات ، لهذا فإننا نجد الآلاف من المصلحات الأمازيغة في اللغات الهندوأروبية وفي اللغات الزنجية الافريقية والباسكية وحتى القوقازية منها كما سيأتي توضيحه  .

استعمال المقاربة اللغوية لإثبات الأصول العرقية :  


لقد تركزت فكرة القوميين العرب بالأساس على وجود هجرات عربية من جزيرة العرب نحو مناطق أخرى في العالم ومن بينها شمال إفريقيا ولأن هذه الفرضية قائمة على تصور ديني ميثولوجي كما أسلفنا ، ولأنهم لم يعثروا في علم الحفريات ما يثبت ويدعم هذه المزاعم ، فقد عمدوا على استعمال اللسانيات من أجل إثبات هذا الإعتقاد فراحوا يبحثون عن كلمات في القاموس الأمازيغي لربطها بكل كلمة مشابهة تنطق لدى جماعات معينة في جزيرة العرب أو أخذ كلمات أمازيغية أقترضها الامازيغ من العربية بسبب التأثير الديني الاسلامي على قاموسهم والقول بأنها عربية دون أخذ الاعتبار في احتمال أن تكون تلك الكلمات العربية نفسها من أصل أمازيغي فالعربية الكلاسيكية الحالية هي في الأصل لهجة قريش رسمها القرآن وطورها المسلمون لتصبح لغة بقية القبائل العربية ، و التي كانت مزيج من الألسن الفارسية والسريانية الارامية والعبرية والحبشية وهذه الأخيرة التي انتشرت في العرب عن طريق التأثير الحبشي على العرب بسبب استعمار الاحباش قديما لأرض العرب وكذلك القرب الجغرافي ثم التواجد الكبير للعبيد الحبشيين عند العرب ، لها قرابة كبيرة مع الامازيغية كونها لغة إفريقية وكذلك الاختلاط والقرب الجغرافي للأثيوبيين مع الامازيغ فإسم عاصمة إثيوبيا حاليا على سبيل المثال أديس أبابا قريب جدا من الكلمة الامازيغية ” أعديس ن بابا” (بطن أبي) وإسم مملكتها القديمة أكسوم لازال يستعمل لدى أغلب الأمازيغ ويعني “اللحم” كما أنه قريب من الاسم الذي أطلق على الجزائر العاصمة قديما أكسيوم .

     فعلينا إذا أن لا نهمل هذا الجانب، كذلك مسألة وجود كلمات أمازيغية أخذها العرب عنهم وأصبحت من لسانهم كما أكده كبار علماء اللغة العربية ،راجع المراجع التالية : الإتقان في علوم القرآن، السيوطي، (2/130) ، الموسوعة القرآنية، إبراهيم بن إسماعيل الأبياري، (2/131) ، الموسوعة القرآنية، (2/136) ، كتاب “المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب“، السيوطي، (174) وكذلك المهذب للسيوطي، (75) … وغيرها .

     كما علينا الاشارة إلى وجود كلمات أمازيغية في الكثير من لغات العالم وقبل أن يكتب الكتاب العرب في هذه المسألة كان كتاب المدرسة الكولونيالية والكتاب الغربيين قد سبقوهم الى البحث في الكلمات الامازيغية التي وجدوا لها مثيلات في لغات جرمانية وأوربية من أجل توظيفها في نظرية الاصول الأوروبية للأمازيغ وهذه بعضها على سبيل المثال لا الحصر لأن عددها كبير جدا وأكثر من العدد الذي جمعه الكتاب العرب وقالوا انها كلمات من أصل عربي :

أ- كلمات امازيغية في اللغة الجرمانية : 


Ru يبكي، يكتب، وفي لغة الوندال ruen
Darghel يعمي العين، وفي لغة الوندال dargalen
Gu ضباب يكون ضباب، وفي لغة الوندال gen
Gujil أصبح يتيما، وفي لغة الوندال gojlen
Li أي أصعد وفي لغة الوندال len
gour القمر وفي الوندال gor
Agana أي سماء وفي الوندالية gana
Nunach أي اعمل وفي الوندالية nunachen
Gi يتحرك وفي الوندالية gien
Asardon أي البغل وفي لغة الوندال sardon
asif الغربال وفي الألمانية seid
iguer الحقل وفي الألمانية icker
rar يلعب، وفي ألمانية العليا القديمة rouren
trou يدمع، يبكي، وفي الألمانية traunen
Dach كمية قليلة وفي الألمانية dash
agraw تجمع، زاد، كبر، وفي الإنجليزية grow
dahin أي هناك، وكذالك في الألمانية
da أي هنا، وكذالك في الألمانية da
aknin أي الأرنب، وفي السويدية kanin
Senعرف، تأمل، وفي الألمانية sinnen
wissen عرف يعرف عارف، وفي الوندالية wissen
rar يلعب، وفي ألمانية العليا القديمة rouren
trou يدمع، يبكي، وفي الألمانية traunen
نذكر دائما أن en لاحقة في الفعل الألماني وعند نزع en يبقى جذر الفعل الألماني.
Einأي رقم 1 بالأمازيعية وفي الألمانية كذلك
Atch أكل في الألمانية etch وفي الإنجليزيةEat
ger الهجوم وفي الألمانية angir حيث an بادئة يبقى الجذر gir
Einأي رقم 1 بالأمازيعية وفي الألمانية كذلك
Atch أكل في الألمانية etch وفي الإنجليزيةEat
bi عض يعض، وفي الإنجليزية bit

    وطبعا فالكثير سيقول أن الاستعمار الوندالي لشمال افريقيا في القرن الرابع هو من نشرها لدى الأمازيغ لكن الحقيقة انه أمر مستبعد جدا لأن أغلب هذه الكلمات نجدها حتى في اللسان إموهاغ الصحراء، والوندال لم يأثروا حتى في المناطق الشمالية حسب تأكيد جل المؤرخين ،فما بالك في المناطق الصحراوية البعيدة ؟ وهو ما أكده محمد الميلي في كتابه تاريخ الجزائر القديم والحديث صفحة 344 حث قال : ” وخلاصة القول أن الوندال لم يحدثوا أي تغير بالوطن الجزائري الا ما كان من قلة عددهم به بالنسبة الى ما كان به من الرومان ,ولم يلحق سكانه منهم أي اضطهاد الا من كانوا أرثوذكس وهم أقل القليل كما سبق ” . ويقول في نفس المرجع ص 348 ” قد علمت انه لم يكن للوندال بالوطن الجزائري غير مراكز عسكرية قليلة وأراض دولة الفلاحون بها من البربر . فكان عدد الوندال به قليل , وسلطتهم على اهله ضعيفة . وإذا كان الرومان على قوتهم الحربية والاستعمارية وطول أمدهم لم يقطعوا ثورات البربر فإن الوندال أعجز من أن يغمدوا سيوف أولائك الابطال (يقصد البربر) الا في جسد سلطتهم “. 

    ويقول المؤرخ المتخصص في تاريخ شمال إفريقيا ستفان قزال : ” وعندما دخل الونداليين إلى شمال إفريقيا، لابد وأنهم على أكثر تقدير كانوا مائتي ألف [شارل أندري جليان يجعلهم 80 ألف ] . ولكنهم لم يمتزجوا بالأفارقة . وبعد ذلك بقرن من الزمن ، أي عندما تحطمت المملكة التي أسسها جنسريك Genséric ، فإن الذين لم يقع القضاء عليهم أثناء الفتنة نفاهم جميعا على وجه التقريب الإغريق المنتصرون (يقصد البزنطينين) .كما أن هؤلاء الأخيرين لم يخلفوا أثرا أبقى من السابقين. وذلك لانهم حموا وحكموا واستغلوا بقدر ما استطاعوا أجزاء الولايات الرومانية القديمة التي استطاعوا التغلب عليها، ولكنهم لم يشحنوها بالمعمرين ” (تاريخ افريقيا القديم، سيفن قزال، الجزء 1 ،ص 232)

ب- كلمات أمازيغية في اللغات الباسكية :

din هنا، وفي الباسكية din
duru النقود وفي الباسكية duro
akar قيام، عمل، وفي الباسكية akar
Baw الفول وفي الباسكية aba
adar رجل الانسان، وفي الباسكية adar
din din فورا حالا، هنا وهناك، وفي الباسكية dun din
Aff وجد، اكتشف، اخترع، وفي الباسكية Af
az تقريب وفي الباسكية azo
Azagur الظهر وفي الباسكية azagoro
Abartu المعطف/ abartuالمعطف
abidoun الدلو / abidon الدلو
Abouch أي الثدي/ abochالثدي
Ighor جفف وفي الباسكية aikor
Azal قيمة وفي الباسكية Azal

ت- كلمات أمازيغية في اللغة القوطية :

kim أي أقعد، إجلس، راحة، وفي القوطية keimia وفي الروسية caman
awath ضرب وفي اللغة القوطية outho (القوطية إحدى اللغات الجرمانية)
Akmez أي حك و في القوطية kamosso
tiziri أي ضوء القمر وفي القوطية sier وتنطق زيار
sken عرض، إبراز، وفي القوطية signum
Amakrad أي السارق وفي القوطية kerdos
ijji أشفي وفي اللغة القوطية ogieo
Akarou أي دوران وفي القوطية karro
Agan أي السلاح وفي القوطية guen

د- كلمات أمازيغية في اللاتينية :

Fouk أي انتهى وفي اللاتنية fac
Salit أي الكهف وفي اللاتنية salitus
tafuk أي الشمس وفي اللاتنية facus
argaz الرجل وفي اللاتنية regs
times النار وفي الاتنية famus
gen تعني ركع وفي اللاتنية genu
Amenssi أي أكلة العشاء وفي اللاتنية mansa
ag أي افعل وفي اللاتنية ago
tifirt كلام قول وفي اللاتنية firi
sal السمع وفي اللاتنية sile
abisu الثور وفي اللاتنية bisso
Oular جيد سعيد، وفي اللاتنية hilaris
set خيط وفي اللاتنية seta
ag أي افعل وفي اللاتنية ago

aghyoul الحمار وفي الروسية assyoul
aknin أي الأرنب، وفي السويدية kanin
itri النجم وفي الهندية tara
كلمات أمازيغية في اللغة القوقازية الصينية :

ger يمشي أمازيغي / jar يمشي لغات قوقازية صينية

gam احب أراد الشيء أمازيغي / kem احب أراد الشيء لغات قوقازية صينية

qar / ghor يجف ينشف أمازيغي / qur/ ghor / ker = ينشف يجف لغات قوقازية صينية

غتس = يقطع أمازيغي / kets = يقطع لغات قوقازية صينية

تمورت و ان شئتم ثمورث ( mr) = ارض أمازيغي / mol = ارض لغات قوقازية صينية

legh يلحس أمازيغي / lik يلحس لغات قوقازية صينية

del يلعب أمازيغي و لا سيما أمازيغ الطوارق / tlo = يلعب لغات قوقازية صينية

Iles لسان أمازيغي / let / lej / les = لسان لغات قوقازية صينية

Ren يمرض أمازيغي / lan = يمرض لغات قوقازية صينية

Tan يمرض امازيغي / zan يمرض لغات قوقازية صينية

Mghi تبرعم برعم بدأ في النمو امازيغي / mij = برعم تبرعم بدأ في النمو لغات قوقازية صينية

ighef رأس / قمة أمازيغي / tafu / = رأس /قمة لغات قوقازية صينية

afus / ABAS يد امازيغي / BAS / pek = يد / اصبع لغات قوقازية صينية

afud الركبة أمازيغي= / put الركبة لغات قوقازية صينية

Aqaro رأس امازيغي / qaro / karu= الرأس لغات قوقازية صينية

dad / dhadh اصبع امازيغي / ded =اصبع لغات قوقازية صينية

atar / adhar الرجل أمازيغي / tur الرجل لغات قوقازية صينية

tit العين أمازيغي / ti العين لغات قوقازية صينية

imez /amzur الشعر أمازيغي / mas = الشعر لغات قوقازية صينية

أعديس / أديس = البطن كما يعني وسط الشيء امازيغي الجذر هو ( دس)/ desh = البطن لغات قوقازية صينية

Ighil ذراع أمازيغي / kil ذراع لغات قوقازية صينية

Man يظهر للعيان اذن الشخص ظاهر موجود يقال في اللسان الزناتي ماني يلا؟ أي أين هو؟ وفي في لغات قوقازية صينية نجد / man بمعنى موجود و يوجد

قيم / جدم = جلس امازيغي / ديم = جلس لغات قوقازية صينية

أبراغ = ثعلب أمازيغي / برش = ذئب لغات قوقازية صينية و تقريبا لا يمكن التفريق بين الثعلب و الذئب
أكوضي = حفرة أمازيغي / كوط = حفرة لغات قوقازية صينية

ألاس = رجل / زوج أمازيغي / لاس = زوج لغات قوقازية صينية

أكال = تراب أرض بلد أمازيغي و لا سيما امازيغ الطوارق / كال / شال = أرض تراب بلد لغات قوقازية صينية

ghel عاد رجع ويقال أيضا في اللسان الصنهاجي القبائلي أقل نجد في لغات قوقازية صينية qal عاد رجع .

gan ينام أمازيغي / khan ينام لغات قوقازية صينية

Lgira الجذر هوgr = مطر عند قبايل بجاية والبويرة بالجزائر = / kara المطر لغات قوقازية صينية
Regh احترق / أحرق أمازيغي / ruga احترق احرق لغات قوقازية صينية

zza / zzay ثقل أمازيغي / zzo / doy = ثقل لغات قوقازية صينية

    هذه بعض الأمثلة فقط والحقيقة أنه هناك الكثير من الكلمات تجعل المرء في حيرة من أمره لما يبحث في جذورها فيكتشف التطابق والتشابه والتقارب بين هذه اللغات الأوروبية والمتغيرات الامازيغية المنتشرة في شمال افريقيا ، وكلذك بين الأمازيغية واللغات الأفريقية الأخرى مثل المصرية القديمة كما أشار إليه العالم “Jacques Champollion” في مقدمة المعجم المزدوج أمازيغي فرنسي الذي ألفه اللساني الفرنسي “venture de paradis“، فدعنا الآن بعد هذا السرد نطرح بعض الأسئلة لهؤلاء الكتاب العرب القوميين الذين يقولون أن الامازيغية من أصل عربي قديم :

-إذا كانت الامازيغة من أصل عربي قديم فقط لأنها تحتوى على بعض الكلمات المتشابهة (قد يكون العرب هم من أخذها عن الامازيغ عبر أزمنة قديمة كما سجل لنا التاريخ الهجرات الأمازيغية نحو الشرق ومن بينها هجرات الليبو الأمازيغ نحو الدلتا واستقراراهم في مصر وإخراطهم في الجيوش المصرية التي غزت الشام وأخضعتها لحكم مصر لقرون ، ثم هجرة قبائل هوارة الأمازيغية نحو الشرق كذلك ، ثم هجرة قبائل كتامة ، والاستعمار الحبشي لبلاد العرب الذي يحتمل أنه نقل معه كلمات حبشية/أمازيغية الى لسان العرب … ) فهل هذا يعني أن الامازيغ أوربيين أيضا بما أن باحثين أروبيين أمثال الفرنسي “L. de Gèzeen” واللساني الألماني “Von der Gabelentz” وغيرهم قد أفرغوا لنا كلمات كثيرة في القاموس الباسكي والجرماني والسويدي .. أكثر من التي قدمها الكتاب العرب في نظريتهم ، ناهيك عن الأسماء الطبومنيميا التي نجدها في شمال افريقيا وفي أوروبا كذلك ومن امثلة ذلك : قبيلة سلاسيي Salasii التي نجدها في شمال افريقيا وسلاسي Salasii في جبال الألب وكذلك نجد في شمال افريقيا أوكوبي Ucubi وسوبور Subur ثوكا thugga في تونس ونجد نفس الاسماء في اسبانيا سوبور Subur و توكي tucci ثم أسماء الأنهار مشابهة بين شمال افريقيا واوربا كذلك مثل اسم نهر بكرادا Bagrada وهو الاسم القديم لنهر مجْرَدة بتونس حاليا نجد نفس الاسم في نهر مكرادا في اسبانيا . وايساريس isaris بغرب الجزائر مع إيسارا isara الاسم القديم لنهر Isére ونهر sava بناحية سطيف ونهر سافوس قرب مدينة الجزائر مع نهري سافا وسافوس في الكارون والدانوب … ؟

– وإذا قلتم بأنها من مخلفات الاستعمار الأوربي لشمال إفريقيا فماذا ستقولون بالنسبة لتشابه والتقارب اللغوي الذي بين الأمازيغية واللغة القوقازية الصينية هل إستعمرنا الصينيون ولم يسجل لنا التاريخ ذلك كما أنهم لم يتركوا لنا في شمال افريقيا جماعات إثنية تحمل نفس مورفولوجية الانسان الصيني القوقازي ؟

– ولو كانت المقاربة اللغوية تكفي لوحدها لإثبات أصول البشر ألا يحق للباحثين الأمازيغ طرح نظريتهم الخاصة بإرجاع كل اللغات وسكان العالم الى شمال إفريقيا مهد ومنبع البشرية كما أكده لنا علم الوراثة البشرية الحديث الذي تعزز مؤخرا بأهم إكتشاف علمي قلب النظريات القديمة رأس على عقب وهو إكتشاف جبل إيغود بمقاطعة شيشاوة بالمغرب والذي درسه العالم البليونتولوجي جون جاك هوبلن ( Jean-Jacques Hublin ) حيث تأكد حاليا أن الجد الاقدم للبشرية هو هذا الانسان العاقل (Homo sapiens) الذي عاش في المغرب قبل 315 ألف سنة وهو ما جعل شمال افريقيا مهد البشرية الى غاية إشعار علمي آخر يبطل هذا الاكتشاف .وبالاعتماد على دراسات كل من العالم شاملا(M. C. Chamla) وفرمـباخ ( D. Ferembach) الذين أهتما بفكرة الانحدار المباشر والمتواصل منذ (إنسان جبل ارحود) ثم إنسان دار السلطان العاتري الذي عاش قبل 200 الف سنه الى العشرين الف سنه قبل الميلاد إلى غاية الكرومانيونيين إنسان المشتى Mechtoïde ) ) الذي عثر عليه في الجزائر وكلها فرضيات متفق عليها لدى جموع العلماء وأغلب الدراسات التاريخية تقوم عليها الان (راجع هذا المقال من هنا ) .وبالاعتماد على هذه المعطيات العلمية الجديدة نستطيع القول بأقدمية اللغة الامازيغة في موطنها بشمال إفريقيا وربما حتى القول بأنها ام لغات العالم في حالة ما إذا سيرنا منطق المؤرخين العرب والاوربيين . بل نجزم أنه لو كان الإنسان العاقل قد إكتشف في جزيرة العرب لتسارع هؤلاء كتاب العروبيين الى إصدار ألاف الكتب والمقالات يرجعون فيها أصل كل مخلوقات العالم الى جزيرتهم .

    خلاصة القول أن زمن الكتب الصفراء المؤلجة قد ولى أمام الطفرة العلمية التي حققها البشر في مجال الوراثة البشرية ، والكربون 14 ، والأشعة السينية ، والحمض النووي والنانو تكنولوجي … ولم يعد التاريخ اليوم مجدر نقل لمرويات القدامى ، بل هو علم قائم بذاته، يعتمد على فحص وتمحيص ورغبلة المرويات والأدبيات التاريخية ومقارنتها بنتائج الحفريات الأركيولوجية والعلمية لإستخلاص النتائج وتقديم القراءات . وأن هذا العلم قد انصف الأمازيغ في فكرة تميزهم وأصالتهم في أرضهم وكشف تزوير الأفكار المؤدلجة لكتب المدرسة الكولونيالية الفرنسية والأقلام العروبية .

بقلم الأستاذ : مصطفى صامت

مقالات ذات صلة بالموضع  :  

تعليق واحد

  1. الحمد لله رب العالمين
    أما بعد كتب التاريخ التي تقول عنها أنها وثقت التاريخ انما هي كتب الأكاذيب العربية.

    و سبي سقيوما الذي بلغ عدده مائة ألف رأس بعثوا للخليفة في دمشق صحيحة في نظرك.
    و مقولة ابن خلدون أن الاعراب كسروا الأمازيغ هل هي حقيقة و الحقيقة أن ملوك الأمازيغ سيروا هؤلاء الاعراب مرتزقة في جيوشهم.

    نسى أو تناسى ابن خلدون معركة سطيف في سنة 1153 أين انهزمت جحافل الاعراب علي يد المصامدة.

    ألم تعلم أن العرب قد كذبوا على النبي عليه الصلاة و السلام و من بين هذه الاحاديث العنصرية التي لا يمكن لنبي قولها مثل حديث سام و حام و يافث و هذا الحديث من أكبر الأكاذيب العربية و البشرية.

    يا أخي عن أي تاريخ تتكلم عن تاريخ الأكاذيب الأموية

    أرجو منكم أن تنشروا تعليقي بارك الله فيكم و السلام عليكم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: النسخ ممنوع !!