أقلام حرة

الأمازيغية هي اللغة الاولى التي كلم بها الله نبيه موسى حسب كتب التراث الاسلامي

قد يبدوا العنوان صادم للكثير ، لكن هذا ما تأكده كتب التراث الاسلامي، وليس أي كتب، انها كتب كبار علماء و مفسري الامة الاسلامية على رأسهم الامام عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر بن محمد سابق الدين الخضيري الأسيوطي الملقب بجلال الدين السيوطي، من مواليد القاهرة بمصر، تخصص في الفقه والتفسير والتاريخ، وكذلك الامام محمود شهاب الدين أبو الثناء الحسيني الآلوسي وهو، مفسر، ومحدث، وفقيه، وأديب، وشاعر يلقب بالألوسي من مواليد بغداد بالعراق .

الأمازيغية في كتب التراث الاسلامي

فقد جاء في كتاب تفسير الألوسي (روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني) 1-11 مع الفهارس ج4، تفسير سورة الأعراف الآيات: 143 -153: ”

وأخرج الديلمي ، عن أبي هريرة رفعه  لما خرج أخي موسى إلى مناجاة ربه كلمه ألف كلمة ومائتي كلمة ، فأول ما كلمه بالبربرية أن قال : يا موسى ونفسي معبرا : أي أنا الله الأكبر . قال موسى : يا رب ، أعطيت الدنيا لأعدائك ومنعتها أولياءك ، فما الحكمة في ذلك ؟ فأوحى الله إليه : أعطيتها أعدائي ليتمرغوا ، ومنعتها أوليائي ليتضرعوا ..

المصدر من الكتاب الاصلي من هنا

تفسير السيوطي (الدر المنثور في التفسير بالمأثور) 1-7 ج3 / تفسير سورة الأعراف الآية 142 الصفحة 217 :”

… وأخرج ابن أبي حاتم عن أبن عجلان قال : كلم الله موسى بالألسنة كلها، وكان فيما كلمه لسان البربر فقال كلمه بالبربرية: أنا الله الكبير

المصدر من الكتاب الاصلي من هنا

هل كان المقصود باللغة البربرية  لسان أهل شمال افريقيا ام لسان غير العرب ؟

وللإجابة على السؤال ، نقول أن المقصود هو لسان سكان شمال افريقيا لعدة اعتبارات، اهمها ان العرب لم يطلقوا مصطلح البربرية بنفس المدلول القدحي (السلبي) الذي استعمله الاغريق واللاتين الذين كانوا يقصدون به الشعوب الخارجة عن حضارتهم ، بل استعمله العرب للدلالة على عرق أخر غير العرب وهو سكان شمال افريقيا (ابن خلدون)، بنفس الأسلوب أطلقوا مصطلح العجم على شعوب بلاد فارس والروم على شعوب اللاتين . والقبط على المصريين …

كما يجب الاشارة الى العلاقة الوطيدة والعريقة بين اللغة المصرية القديمة وكذلك شعبها مع اللغة البربرية التي تعرف في الأوساط العلمية اللسانية ليبيكو بربر (Libyco-Berber) ، فالامازيغية/ البربرية شقيقة اللغة المصرية القديمة وتتفرعان من نفس الاسرة اللغوية وهي “اللغات الأفرو-آسيوية” (Afro-asiatic languages)، ففي الثلاثينيات من القرن 19 وُضع أول معجم مزدوج أمازيغي فرنسي ألفه “venture de paradis”، وقدم له عالم المصريات : “Jacques Champollion” الذي أشار  في مقدمة هذا المعجم على أن الأمازيغية والمصرية القديمة لغتين متقاربتين .و النبي موسى عاش وتربى في مصر التي كان أهلها يعبدون ألهة أمازيغية مثل (آمون) الذي تحدث عن ليبيته (أمازيغيته) المؤرخ الاغريقي هيرودوت، في القرن الخامس قبل الميلاد والذي كان يعبد في واحدة سيوة المصرية ، فهناك إفتراض لغوي قوي من أن يكون آمون من الكلمة الامازيغية ” آمان” التي تعني الماء، وسيواة من الفعل ” يسوا” في الأمازيغية أي شرب . كذلك الربة نيت “Tanit”  التي عبدها الامازيغ بإسم تانيت وأكد ولاس بيدج في كتاب آلهة المصريين ، وهيرودوت  الذي جعل مسقط رأسها في بحيرة تريتونس، وآخرون على ليبيتها غرب تونس ، وهي ربة الخصوبة لازال الامازيغ في الجزائر حتى اليوم يقولون للمرأة التي تكون بالنفاس ” أث تنيث ”

وحتى كتاب التوراة الذي نزل على النبي موسى كليم الله والذي يسمى في العبرية  تورا (Torah) هو نفس المصطلح الامازيغ تورا tura الذي يعني كُتِبتْ ، المشتق من تيرا tira أي الكتابة .

حضور أمازيغي كبير في مصر منذ القدم

كانت مصر مسرح للتواجد العنصر الليبي* (الامازيغي) منذ القدم، وصل الامر في بعض الفترات الزمنية ان أصبحت السلطة العسكرية والدينية كلها في يد العنصر الأمازيغي ثم السلطة الفرعونية لاحقا لأكثر من قرينين، يقول مصطفى كمال عبد العليم ، درسات في تاريخ ليبيا القديم ،صفحة 32،33. :

إن الجيش المصري أصبح ابتداء من عصر الأسرة العشرين مؤلفا من الليبيين دون سواهم. وقد منحهم ملوك مصر هبات الأرض كأجر لهم وهكذا استطاعوا أن ينشئوا في البلاد جاليات عسكرية وكان يترأس كل حامية رئيس ليبي يحمل لقب الرئيس الكبير لما. “ما” هي اختصار لاسم مشوش

زواج الفراعنة من الأمازيغيات :

من المعروف ان الكثير من ملوك الفراعنة كانوا يتزوجون من الليبيات خاصة المنحدرات من قبائل التمحو الجميلات ذات البشرة البيضاء والشعر الاشقر والعيون الزرقاوات، من بينهم الفرعون العظيم خوفو (Khéops) الذي ظهرت إحدى زوجاته على جدران مقبرة إبنها الأمير “خوفوشاف” بالشعر الاشقر الذي كان يميز أمازيغ التمحو خلال الاسرة الفرعونية الرابعة (1) وحتى الأميرة ” حتب حيرس” الثانية إبنة الملك الملك خوفو كانت شقراء وذات عينين زرقاوين،(2) وكذلك ابنة “حتب حيرس” الثانية (3) وهذا يحيلنا الى الإفتراض أن مربية النبي موسي من زوجة الفرعون كانت هي كذلك من الليبيات وقد أخذ عنها موسى اللسان البربري الأمازيغي الذي كلمه به ربه كما جاءت به المصادر الاسلامية .

الكتابة الأمازيغة في هرم خوفو بالجيزة

دون ان ننسى أن الأمازيغية القديمة مدونة بكتابتها اليبيكو بربر (Libyco-Berbère) في أحد أكبر أهرمات مصر القديمة وهو هرم خوفوا بالجيزة (4) ،اقدم من زمن موسى بكثير، يطرح الكثير من الاسئلة عن العلاقات المصرية البربرية قديما.

الصورة: الكتابة الأمازيغية في هرم خوفو بالجيزة بمصر ،المصدر هنا

الدراسات الجينية وتحليل الحمض النووي

أخيرا نشير الى الدراسات الجينية الحديثة التي قامت بها شركة ناشيونال جيوغرافيك بمصر والتي أكدت على موقعها الرسمي أن نسبة الحمض النووي الخاص بالشمال افريقييين في دولة مصر والذي يتشارك فيه الامازيغ والمصريين هو 68 بالمئة .

الصورة: نسبة الامازيغ في مصر/ المصدر من هنا

اشارت كتب التراث الاسلامي الى حديث رب موسى بالأمازيغية أو البربرية هي معلومة نشرها نشطاء امازيغ على التواصل الاجتماعي أردنا بهذا المنشور إثراء الموضوع و فتح نقاش عام قصد المناقشة و اثارة الاسئلة حيث تكمن اهمية هذا الموضوع في كون ان الجزء الاكبر من الامة الامازيغية قد تعرب بفعل هذه الأفكار المقدسة التي جعلت أغلبية الامازيغ يقبلون على التعريب الطوعي (دون الحديث عن التعريب الممنهج والمسيس) بسبب الوازع الديني المقدس، فكثيرا ما كان بعض شيوخ الدين الاسلامي في زمننا هذا ، يروجون عبر منابرهم لفكرة ان العربية لغة أهل الجنة رغم إنعدام أي دليل يفيد ذلك بل إن شيخ الاسلام إبن تيمية نفسه ينفي ذلك جملة وتفصيلا . فلما لا يتحدث هؤلاء الأئمة عن قداسة اللغة البربرية من حيث انها اول لغة كلم بها الله نبيه موسى مثلا كما جاءت به المصادر الاسلامية التي فسرت القرءان ؟ ومن حيث ان كل اللغات من عند الله وكلها جميلة ومقدسة في نظر أهلها ؟

بقلم الأستاذ مصطفى صامت

هوامش :

* بخصوص مصطلح ليبي/ أمازيغ نشير الى ان مصطلح “ليبيا” يقصد به في الدراسات التاريخية الاكاديمة شمال افريقيا، و”الليبي” يقصد به الانسان الشمال افريقي، وبخصوص مصطلح الامازيغية وبربر والبربرية راجع مقال : ” تصحيح المغالطة التاريخية المتداولة حول الاسم الاثني بربر للأمة الأمازيغية

1- Fakhry, A. (1942), « The Egyptian Desert Volume I », Bahria Oasis, Cairo, Boulaq Government Press, p. 7

2- جون ولسن (1955)، الحضارة المصرية، ترجمة أحمد فخري، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية ص 177

3- Gardner, A. (1945), Ancient Egyptian anomastica, Oxford, University Press p. 115

4- Some “Cabalistic” inscriptions around the Great Pyramid’s original entrance : dating the most ancient Libyco-Berber inscriptions.

Giancarlo Negro. Sahara: prehistory and history of the Sahara. 13, 2001-2002, pages 148-165.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: النسخ ممنوع !!