لم يسبق لي أن كتبت لتقييم النتائج، التي آل إليها الربيع الأمازيغي ولا كتبت عنه أصلًا، ونحن الآن في الذكرى الرابعة والأربعين (44) ما يعني أنّ ربيعنا سبق الربيع العربي بحوالي ثلاثة عقود، والحمد لله أنّ بلدنا الجزائر لم تصب بأذى مثل الذي أصاب بعض الدول العربية، التي فتتها ربيعها إلى شِيَّع وطوائف، وما يجري الآن في سوريا والعراق واليمن وحتى الجارة ليبيا دليل على ما نقول.
السؤال الجدير بالطرح، لماذا تصاب تلك الدول بما أصيبت به، وهي الدول التي يتجذّر فيها الفكر القومي (العراق وسوريا) في إطار أنظمة شمولية مغلقة، وتنجو الجزائر، التي خرج أبناؤها في مظاهرات سلمية، أبهرت العالم “الحراك الشعبي”، الذي حاول النظام آنذاك تدميره، بشتى الطرق والوسائل بما فيها “إثارة الفتنة” وتأليب مناطق على أخرى، حتى يضمن له البقاء، وبعد الفشل الذريع، أمام حركة الوعي الكبيرة، التي أبداها المواطنون، رغم بعض أذناب النظام، التي لم تزعزع الحراك مع أنّه لم يستفد من تلك “الهبة”، لكن الجزائر ظلّت واقفة بفضل وعي المخلصين من أبنائها.
إذن لم يصل الحراك إلى مداه، وانكسرت تلك “الهبة الشعبية” وجاء على إثرها ما يسمى “الجزائر الجديدة” بمعظم الوجوه القديمة، تمّت الانتخابات الرئاسية (ديسمبر 2019) وأفرزت رئيسا جديدا اسمه “عبد المجيد تبون”، وضع دستورا جديدا (2020)،عاد به إلى تحديد عهدات الحكم بعهدتين مثلما في دستور الرئيس “زروال” (1996) قبل أن يفتح بوتفليقة العهدات من جديد في دستور (2008)، ليخلد في الحكم حتى ولو هو مقعد، وكان ذلك فيما بعد، سبب الهبة الشعبية “الحراك” ضد العهدة الخامسة.
كان الرئيس بوتفليقة قد اعترف في دستور (2002) باللغة الأمازيغية “لغة وطنية” في وطنها بعد أربعين سنة من استقلال الجزائر، كما جاء ذلك أيضا بعد اثنين وعشرين سنة من أحداث الربيع الأمازيغي (20 أفريل 1980)، وبعد إضراب المحفظة، الذي أفضى إلى تأسيس “المحافظة السامية للأمازيغية” سنة (1995) وكذا أحداث تلك السنة، سنة (2002)، التي ذهب ضحيتها العديد من الشباب، الذين ضحّوا بأنفسهم لتعيش “اللغة الأمازيغية”، إدراكا منهم “أنّ من يفقد لغته، يفقد وجوده”، باعتبار أنّ اللغة، هي روح الأمّة، وتبقى “الأمّة حية بحياة لغتها، وإن فقدت لغتها، فقدت وجودها، وتذوب في الأمّة، التي أخذت لغتها، من هنا كانت الّلغة أهم عوامل استمرار الأمم، وأهم العوامل التي تساهم وتؤثر في تطوّر الأمم، وأهم الروابط، التي تجمع بين أفرادها، فهي واسطة التفاهم وأداة تفكير ونقل الأفكار والمكتسبات، وقد شعر هؤلاء أنّ استمرار الحال على ما هو عليه منذ الاستقلال من المحال، ومعناه الذوبان في الآخر وبل الموت ببطء وانسلاخ عن الذات، فضحّوا بأنفسهم من أجل أن تحيا الأمّة، في وقت غادر آخرون البلاد بعد الضغط والقنط وفقدان الأمل.
كان “الربيع الأمازيغي” سنة 1980، وراء تسامح السلطة آنذاك شيئا فشيئا مع الحركات الإسلامية أو الإسلاموية لمواجهة الأمازيغية بها، وكأنّ هذه قامت ضد تلك ووصلنا بعد ذلك إلى العشرية السوداء، عشرية الدّم والدموع، وكدنا أن ندمّر أنفسنا بأنفسنا، أو بإيعاز من الآخر.
لا أدري إن كان ذلك سوء فهم أو سوء تقدير وخطأ من السلطة وكثير من الجزائريين، إذ كلّما تحدّث أو طالب الأمازيغ بلغتهم وهويتهم، كلّما أثيرت مسألة الإسلام والعربية، وكأنّ هؤلاء الأمازيغ، ليسوا مسلمين ولم يخدموا الإسلام، ولم يخدموا اللغة العربية لقرون خلت، وأنّه لبقاء وسلامة هذا الإسلام وبقاء وسلامة اللّغة العربية، لابد من تنازل هؤلاء “الأمازيغ” عن لغتهم وعن هويتهم، ليعلم هؤلاء وأولئك أنّ اللغة العربية لغة القرآن الكريم، وبالتالي فهي لغة ناقلة بين مختلف الشعوب الإسلامية، ولغة أزلية، ولا تحتاج إلى من يبكي عليها لا في الجزائر ولا في غيرها، والله سبحانه وتعالى يقول في محكم تنزيله: ﴿إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون﴾ سورة الحجرات الآية 9.
ليعلم الجزائريون وغيرهم من الجيران في الشرق والغرب والجنوب، أنّه إذا كان هناك خطر يهدّد، فهو يهدّد الأمازيغية، وإذا فقدناها، فلا نكون إلّا قوما تبعا، ولن تقوم لنا قائمة بين الأمم، لا أتحدّث عن الصين واليابان، لكن يكفي أن ننظر إلى الكوريتين وإلى ماليزيا ولما لا إسرائيل، وهي بين ظهرانينا، بأي لغة تعمل بعد دياسبورا دام ما يقارب الألفين من السنين، وكادت العبرية أن تكون لغة بائدة، وعادت بعد أقل من قرن عندما تتوفر الإرادة، وأصبحت تدرس بها أدق العلوم في الفيزياء، والكيمياء وباقي العلوم الدقيقة، ويكفي أن نقول أنّها دولة نووية.
أقول هذا الكلام، حتى يعرف الجميع أهمية لغة الأم للأمّة، ونحن نعيش التقاعس، وننتقل من لغة أجنبية إلى لغة أجنبية، كأنّه لا يوجد ملاذ لنا إلّا في اللّغة الأجنبية، من لغة المستعمر البارحة (لغة فرنسا) إلى لغة المسيطر اليوم (الأمريكان).
استطراد، قادني بعيدا عمّا أريد، وأنا أريد الحديث عن الأمازيغية في “الجزائر الجديدة”، إذن بعد دخول الأمازيغية إلى المدرسة بعد إضراب المحفظة (1994- 1995)، الذي أضاع سنة دراسية على الأطفال والشباب وبل أخذ سنة من عمر هؤلاء، وأي دخول، يأتي اعتراف الرئيس بوتفليقة باللّغة الأمازيغية “لغة وطنية” في وطنها بعد أربعين سنة من الاستقلال (دستور 2002)، ليتم ترسيمها المشروط من طرف الرئيس نفسه في دستوره الثالث (دستور 2016)، ولتحقيق الترسيم المشروط، تمّ تعيين في ديسمبر 2018 أعضاء “مجمع اللّغة الأمازيغية”، الذي يكلّف بتوفير الشروط اللّازمة لترقية “تمازيغت” وتجسيد وضعها كلغة رسمية فيما بعد، مثلما تنصّ عليه المادة الرابعة من دستور 2016.
طبعا إن كنت لا أعلّق على معايير وشروط اختيار أعضاء هذا “المجمّع” التي تنقصها الشفافية، والذي لم يُنصّب حتى اليوم، لغرض في نفس يعقوب، لكن نعرف أنّ الكثير ممن اختيروا لعضوية هذا “المجمّع”، لم يسبق لهم كتابة جملة واحدة دفاعا عن الأمازيغية، ولا علاقة لبعضهم بالأمازيغية، إن لم تكن معاداتها، لدرجة أدرك الكثير من المتابعين للشأن الأمازيغي، أنّ هذا المجمّع وُلِد ميتا.
جاء دستور “الجزائر الجديدة” في 2020، وأبقى على المادتين الثالثة والرابعة المتعلقتين باللّغة العربية واللّغة الأمازيغية دون تغيير، وتمّ تنصيب أعضاء المجلس الأعلى للغة العربية المجدّد ومختلف المجالس والهيئات إلّا “مجمّع اللّغة الأمازيغية”، الذي يتوقّف عليه توفير الشروط اللّازمة لترقية “تمازيغت”، وتجسيد وضعها كلغة رسمية، ينتظر، فالأعضاء الذين تمّ تعيينهم سابقا انقضت عهدتهم، وطبعا دون تنصيب وربما حتى دون توفير مقر، وتعيين أعضاء جدد، يرجأ –ربّما- إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، أو إلى وقت غير مسمّى.
طبعا كنّا قد علّقنا على المادة الرابعة في الدستور وما يشوبها من غموض مقصود ينمّ عن الرغبة في الإبقاء على الوضع على ما هو عليه، لأنّه عندما نقول في البند الأوّل من المادة الرابعة “تمازيغت كذلك لغة وطنية رسمية” مقابل البند الأوّل في المادة الثالثة التي تنصّ أنّ “اللّغة العربية، هي اللّغة الوطنية الرسمية”، فحذف “هي” الضمير الدال على التنصيص في المادة الثالثة، واستبدالها ب “كذلك” في البند الأوّل من المادة الرابعة، يعني ما يعني، و”كذلك”، تتكوّن من “كاف” التشبيه و”ذلك” للإشارة، لما لا يراد التسريح به، ما يعني تشبيه “اللّغة الأمازيغية” باللغة الوطنية الرسمية.
وفي البند الثاني من المادة الثالثة نجد: “وتظل العربية اللّغة الرسمية للدولة” في الوقت الذي نجد في البند نفسه من المادة الرابعة: “تعمل الدولة لترقيتها (أي تمازيغت) وتطوّرها بكل تنوعاها اللّسانية المستعملة عبر التراب الوطني”.
أمّا البند الثالث في المادتين، فنجد في المادة الثالثة: “يحدث لدى رئيس الجمهورية مجلس أعلى للغة العربية” وتحدّد مهامه بدقة، وهو العمل على ازدهار اللّغة العربية وتعميم استعمالها في الميادين العلمية والتكنولوجية وتشجيع الترجمة إليها لهذه الغاية، أمّا في المادة الرابعة فنجد: “يحدث مجمع جزائري للغة تمازيغت، يوضع لدى رئيس الجمهورية، يستند المجمع إلى إشغال الخبراء، ويكلّف بتوفير الشروط لترقية تمازيغت، قصد تجسيد وضعها كلغة رسمية فيما بعد.
- تجسيد وضعها كلغة رسمية فيما بعد، يعني نعود إلى تأكيد “كاف” التشبيه، المشار إليه أعلاه في البند الأول مما يعني أنّها في وضعها الحالي، ليست لغة رسمية.
- يجب تشكيل هذا “المجمع”، وقد شكّل ومرّت عهدة أو أكثر دون تنصيبه، ننتظر تنصيبه، ثم يوفر الشروط اللازمة، وما هي هذه الشروط اللازمة؟
- تجسيد وضعها كلغة رسمية فيما بعدǃ متى فيما بعد؟
- “ربط” ترقيتها بعمل “المجمّع” ما يعني إن “فشل” أو “إفشال” عمل هذا المجمع، العودة إلى غابر الزمان.
- ينص البند الخامس من المادة الرابعة على تطبيق هذه المادة بموجب قانون عضوي، والسؤال المطروح متى يتم إصدار وتفعيل هذا القانون العضوي؟
هكذا نلاحظ تلاعب في صياغة مادة من مواد الدستور بطريقة غير بريئة، الهدف منها إمّا استغفال شريحة واسعة من المواطنين، والإبقاء على الوضع اللّغوي في الجزائر على ما هو عليه، أو دفع البلاد إلى الفوضى والتعفّن، وقد لاحظنا حتى تحجيم وتلجيم نشاطات “المحافظة السامية للأمازيغية” بفعل فاعل على مستوى الوصاية، إلغاء بعض النشاطات أو الإلغاء عن طريق التأجيل منها إلغاء الملتقى الدولي حول “اكتشافات عين بوشريط” في سطيف، الذي لقي صدى دوليا
كبيرا، عند الإعلان عنه، وتمّ إلغاؤه بعد سنتين من التحضير له، وحاز على مشاركة نوعية كبيرة، بسبب الصدى الدولي للمكتشفات، التي تمّت في الموقع، لكن من الجزائريين من لا يريد مثل هذا السبق للجزائر.
قررت “المحافظة السامية”، تنظيم ملتقى وطنيا حول “القانون العرفي الجزائري كمصدر أصيل للتشريع وعامل من عوامل التماسك الوطني”، وكان مقرر تنظيمه يومي 23-24 سبتمبر 2023 ببسكرة، وتمّ تأجيله (طبعا إلغاء)، كما كان من عادة المحافظة تنظيم “ورشات ترجمة” من وإلى اللغة الأمازيغية، كل عام، وكان من المفروض أن ينظّم هذه المرة في نوفمبر 2023، وتمّ إلغاؤها، بعد التحضير لها (حجز الفندق، تذاكر السفر…).
أضف إلى ذلك أنّ المحافظة السامية، تسير دون محافظ منذ وفاة مولود آيت إيدير في 31- 10- 2004، ما يعني أنّ المحافظة تسير بدون محافظ منذ عشرين سنة، عقدين من الزمن، لا أدري إن كانت هناك مؤسسة أخرى في الجزائر تسير بدون المسؤول الأوّل، وتؤدّي مهامها وتحافظ على استقرارها؟
كما تسير المحافظة دون مجلس علمي، ينتظر تعيين أعضاؤه منذ أربع أو خمس سنوات، لا أدري إن كان المتسببون في هذه العراقيل يحبّون الجزائر أكثر من الآخرين، ويعرفون مصلحتها أكثر من الآخرين، وهل هم أكثر وطنية من الآخرين، أم يدفعون إلى الفوضى والتعفّن، ونحن نقترب من ثلاثة عقود من “إضراب المحفظة” وإدخال “الأمازيغية” إلى المدرسة، والأمازيغية مازالت لغة اختيارية في المدرسة الوطنية، وبل أكثر من ذلك، لا يمكن تسجيل أي تلميذ ليدرس الأمازيغية، إلّا بتسريح من الولي؟
علماً أيضا أنّه يمكن لأي مدير أن يغلق القسم بعد فتحه أمام الكاميرات، بأي مبرّر واهِ، مثل مكانش أستاذ، مكانش تلاميذ، أو مكانش قسم، في وقت تدرّس لغات أجنبية إجباريا لأبنائنا، تناقضات، لا ندري متى نتخلّص منها، إبعاد لغة أمّهاتنا، وذلّها في عقر دارها، وفرض علينا لغة مستعمرنا البارحة (فرنسا) أو مستدمرنا اليوم (الإنجليز والماريكان) بدعوى كونها لغات “حيّة”، ولغتنا “ميتة”، بل نحن الأموات.
لنقارن مثلا الدول التي تستخدم هذه اللّغات التي تسمّى “حيّة” كلغات رسمية مثل سيراليون وزامبيا التي تستخدم اللغة الإنجليزية كلغة رسمية، أو مالي والبنين والطوغو، التي تستخدم الفرنسية، أين هذه الدول وأين اليابان وأين الكوريتين والصين وحتى إسرائيل وهي بين ظهرانينا، فالاعتزاز بالذّات هي من المعلّلات، التي تدفع للتضحية والعمل والإبداع، والاحتقار وذم الذّات، هو دفع لها للتراخي والخمول والاعتماد على الآخر، الأمم تنهض بلغاتها وليس بلغات الآخر، العجز ليس في اللّغة وإنّما العجز في الإنسان.
كانت الإحصائيات، تتحدّث عن ثمان وثلاثين (38) ولاية وحتى أربعين (40) ولاية من الثماني والأربعين (48) ولاية سابقا، دخلت الأمازيغية إلى مدارسها، طبعا تلك الإحصائيات تقدّم لنا إحصاء كل ولاية يفتح فيها قسم للأمازيغية في مناسبة ما، لكن لا تقدّم لنا إحصائيات الولايات التي يُغلق فيها القسم في السنة التي فتح فيها أو في أحسن الأحوال في السنة الموالية، ما يعني أنّها إحصائيات ذر الرماد في العيون.
لماذا لا نجرّب مثلا بأن نجعل مادة الرياضيات أو الفيزياء، أو هذه اللّغة أو تلك كمادة اختيارية حتى دون تسريح الأولياء، لنرى عدد التلاميذ الذين يسجّلون بها ونرى النتيجة.
لا أجد تناقضا أكبر من أن أجد هذه اللغة الأجنبية أو تلك كلغة إجبارية على أبنائنا، في كل مدارسنا وفي كل المستويات، ونجد لغة وطنية في الدستور، لغة اختيارية، ولا يسمح للتلميذ بدراستها أو تعلّمها إلّا بترخيص من الولّي، كأنّه يتحمّل تبعات هذا الاختيار؟ǃ
هذا بعد ستة عقود ونيف من استقلال الجزائر، طبعا يفهم من هذا أنّ المعارضين إن لم نقل المعادين للأمازيغية، يراهنون على عامل الوقت والمدرسة ووسائل الإعلام والمركزية الإدارية لتتوارى وتزول.
لا أدري كيف يتحدّى الإنسان عندنا إرادة اللّه، الذي جعل في اختلاف الألسن والألوان آية من آياته: ﴿ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إنّ في ذلك لآيات للعالمين﴾ (سورة الروم، الآية 22)، وأنّ الأكرم عند الله بالتقوى وليس بالجنس أو اللّغة أو الأصل: ﴿يا أيّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم إنّ الله عليم خبير﴾ (سورة الحجرات، الآية 13)، ولو شاء الله لخلقنا أمّة واحدة، بلسان واحد، ولون واحد: ﴿لو شاء ربّك لجعل النّاس جميعا أمّة واحدة ولايزالون مختلفين﴾ (سورة هود، الآية 18)، لكنّه سبحانه وتعالى لم يشأ ذلك، فلايزال النّاس مختلفين وذلك مقتضى حكمته.
ولنا أيضا عبرة فيما رواه البخاري (3508) ومسلم (61) عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أنّه سمع النّبي صلى الله عليه وسلّم يقول: “…ومن ادّعى قوما ليس له فيهم نسب فليتبوّأ مقعده من النّار” متّفق عليه رواه البخاري ومسلم.
أمّا ادّعاء الدفاع عن اللّغة العربية أو القرآن الكريم، فالله سبحانه وتعالى يقول في محكم تنزيله: ﴿إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون﴾ (سورة الحِجْر، الآية 9)، وإذا كان الخوف على البلد، لننظر إلى اليمن وهي بلغة رسمية واحدة وإلى سوريا والعراق وهما بلغة رسمية واحدة، وبالمقابل ننظر إلى سويسرا أو سنغافورة، وكل منهما بأربع لغات رسمية، أين هذه وأين تلك، وهناك أمثلة أخرى كثيرة، إذا أردنا أن نحافظ على هذا الوطن الذي لا وطن لنا غيره، وما أكثر المتربصين به، وحتى ممّن نعتبرهم أقرباء أو حتى أشقّاء.
بقام: محمد الهادي حارش
عين البنيان- الجزائر: 12-04-2024